ولما كان من الناس من عذره سبحانه وتعالى برحمته استثناهم، فقال واصفاً للقاعدين أو مستثنياً منهم :﴿غير أولي الضرر﴾ أي المانع أو العائق عن الجهاد في سبيل الله من عوج أو مرض أو عمى ونحوه، وبهذا بان أن الكلام في المهاجرين ؛ وفي البخاري في التفسير عن زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه " أن رسول الله ﷺ أملى عليه ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله﴾ فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها عليّ فقال : يا رسول الله! والله لو استطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى ؛ فأنزل الله ع وجل على رسوله وفخذه على فخذي فثقلت عليّ حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سرى عنه فأنزل الله ﴿غير أولي الضرر﴾ " وأخرجه في فضائل القرآن عن البراء رضي الله تعالى عنه قال :" لما نزلت ﴿لا يستوي القاعدون﴾ - الآية، قال النبي ﷺ : ادع لي زيداً وليجىء باللوح والدواة والكتف ؛ ثم قال : اكتب - فذكره " وحديث زيد أخرجه أيضاً أبو داود والترمذي والنسائي، وفي رواية أبي داود : قال :" كنت إلى جنب رسول الله ﷺ فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله ﷺ على فخذي، فما وجدت شيئاً أثقل من فخذ رسول الله ﷺ، ثم سرى عنه فقال لي : اكتب، فكتبت في كتف ﴿لا يستوي القاعدون﴾ إلى آخرها ؛ فقام ابن أم مكتوم - وكان رجلاً أعمى - لما سمع فضيلة المجاهدين فقال : يا رسول الله ﷺ ! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين ؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله ﷺ السكينة، فوقعت فخذه على فخذي، ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، فسرى عن رسول الله ﷺ فقال : اقرأ يا زيد! فقرأت ﴿لا يستوي القاعدون من المؤمنين﴾ فقال رسول الله ﷺ ﴿غير أولي الضرر﴾ - الآية كلها، قال زيد : أنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده