ولما وبخوا على تركهم الهجرة، سبب عنه جزاؤهم فقيل :﴿فأولئك﴾ أي البعداء من اجتهادهم لأنفسهم ﴿مأواهم جهنم﴾ أي لتركهم الواجب وتكثيرهم سواد الكفار وانبساطهم في وجوه أهل الناس ﴿وساءت مصيراً﴾ روى البخاري في التفسير والفتن عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله ﷺ، يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله، أو يضرب فيقتل، فأنزل الله تعالى ﴿إن الذين توفاهم﴾ [ النساء : ٩٧ ]. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٠٢ ـ ٣٠٣﴾
فصل
قال الفخر :
قال الفرّاء : إن شئت جعلت ﴿توفاهم﴾ ماضياً ولم تضم تاء مع التاء، مثل قوله :﴿إِنَّ البقر تشابه عَلَيْنَا﴾ [ البقرة : ٧٠ ] وعلى هذا التقدير تكون هذه الآية إخباراً عن حال أقوام معينين انقرضوا ومضوا، وإن شئت جعلته مستقبلاً، والتقدير : إن الذين تتوفاهم الملائكة، وعلى هذا التقدير تكون الآية عامة في حق كل من كان بهذه الصفة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٠﴾
فصل
قال الفخر :
في هذا التوفي قولان :
الأول : وهو قول الجمهور معناه تقبض أرواحهم عند الموت.
فإن قيل : فعلى هذا القول كيف الجمع بينه وبين قوله تعالى :﴿الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا﴾ [ الزمر : ٤٢ ] ﴿الذى خَلَقَ الموت والحياة﴾ [ الملك : ٢ ] ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ [ البقرة : ٢٨ ] وبين قوله :﴿قُلْ يتوفاكم مَّلَكُ الموت الذى وُكّلَ بِكُمْ﴾ [ السجدة : ١١ ].
قلنا : خالق الموت هو الله تعالى، والرئيس المفوض إليه هذا العمل هو ملك الموت وسائر الملائكة أعوانه.
القول الثاني :﴿توفاهم الملائكة﴾ يعني يحشرونهم إلى النار، وهو قول الحسن. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ١٠﴾