فيا من هذا شأنه، باللّه عليك راجع نفسك، وانظر : هل يمكن أن يكون لمثل هذا الحال والاعتقاد ثمرة، أو يرضى بها عاقل ذو همة عالية في معتقده، أو عباداته وتوجّهه في صلاة، أو غيرها من العبادات؟ وأين المقصود من قوله تعالى : اسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
الآية؟
فأين المسابقة؟ وأين التوجّه الصحيح المصدّق قول المتوجّه إلى الحقّ في زعمه :
إِيَّاكَ نَعْبُدُ! وهو كاذب؟
فإنّه لم يخاطب بهذا إلّا الصورة الذهنيّة التي خلقها بعقله السخيف، أو وهمه وخياله ورأيه الضعيف. وأنّى ترجى ثمرة عبادة أو صلاة هذا أساسها؟ وأين
" قسمت الصلاة بيني وبين عبدي "
وذكره سبحانه الفاتحة وأقسامها ك
" مجّدني عبدي "
" فوّض إليّ "
" هذه بيني وبين عبدي "
" هؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل "
؟ فبالله عليك، هذه الصورة المنتشية في ذهنك تقول شيئا من هذا، أو تقدر على شيء، هيهات. المنشئون لتلك الصور لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا، فما الظنّ ببعض ما انتشأ فيهم على النحو المذكور.
واعلم، أنّ
قوله صلّى اللّه عليه وآله في حديث الفاتحة والصلاة " يقبل من الصلاة ربعها ونصفها "
وتعديده الأقسام حتى انتهى إلى التسع،
ثم قال :" وآخر تؤخذ صلاته كالثوب الخلق، فيضرب بها وجهه "
، إشارة إلى ما ذكرنا من تفاوت حظوظ المتعبّدين، وقلّة جدوى الكثير منهم، وحرمان آخرين بالكلّيّة، وليس ذلك إلّا لما ذكرنا من تأسيس الأمر على غير أصل صحيح، ونعوذ باللّه من ذلك ومثله.
ولنعد الآن إلى بيان الوجهة التي هي قبلة قلوب المتوجّهين وأرواحهم وعقولهم ونفوسهم وطباعهم، من حيث أحكام الصفات والأحوال الغالبة عليهم، بحكم هذه الأمور المذكورة فإنّ وجهة كلّ متوجّه هدف سهم إشارته حال توجّهه.