وقوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ فنقول في إيضاح سرّ ذلك : لأصل شجرة الحضرة الإلهيّة فروع يسري في كلّ فرع منها من سرّ الألوهيّة، "
بالسراية الذاتيّة من الذات المقدّسة قسط بمقدار ما يحتمله ذلك الفرع من أصله ألا وإنّ تلك الفروع هي الأسماء الإلهيّة، ألا وإنّ تلك السراية الذاتيّة الأصليّة عبارة عن سريان التجلّي الذاتي في مراتب أسمائه، بحسب ما تقتضيه مرتبة كلّ اسم منها، ولذلك قلنا غير مرّة : إنّ كلّ اسم من وجه عين المسمّى، ومن وجه غيره،
وفصّلنا في ذلك ما يغني عن إعادة الخوض فيه والإطناب.
ولمّا كان كلّ اسم من أسماء الحقّ سببا لظهور صنف مّا من العالم، كان قبلة له، فاسم ظهرت عنه الأرواح، وآخر ظهرت عنه الصور البسيطة بالنسبة، وآخر ظهرت عنه الطبائع والمركّبات، وكلّ واحد من المولّدات أيضا ظهر باسم مخصوص عيّنته مرتبة الظاهر به، بل حال المظهر واستعداده الذاتي غير المجعول، ثم صار بعد قبلة له في توجّهه وعبادته لا يعرف الحقّ إلّا من تلك الحيثيّة ولا يستند إليه إلّا من تلك الحضرة، وحظّه من مطلق صورة الحضرة بمقدار نسبة ذلك الاسم من الأمر الجامع لمراتب الأسماء كلّها والصفات.


الصفحة التالية
Icon