ذاتيّة في الجانبين، فأظهر أحد حكمي هذا السرّ بهذه اللام المذكورة في " ليعبدون " حكمة ظاهرة، وأخفى حكمها الآخر في قوله : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ حكمة باطنة لأنّ له سبحانه في كلّ شيء - ولا سيّما في شرائعه وأوامره وإخباراته - حكما ظاهرة وباطنة يشهدها ويتحقّق بمعرفتها الكمّل والمتمكّنون من أهل الكشف والوجود، ويشعر أهل العلوم الرسميّة من ظاهر تلك الحكم بالأقلّ من القليل منها في بعض الصور التكليفيّة بطريق التعليل.
وأمّا سرّ قوله : نَعْبُدُ ونَسْتَعِينُ بضمير الجمع، فلسرّين كلّيّين كبيرين :
أحدهما : ما سبقت الإشارة إليه من أنّ ظهور عين العبادة والأعمال مطلقا لا يحصل في الوجود العيني إلّا بين الرتبة المشتملة على أحكام الربوبيّة وبين المجلى المذكور المشتمل على أحكام المربوبيّة، فمتعلّق ضمير الجمع بلسان الحقّ والكون حيث ورد، مثل " نحن " و" إنّا " و" نعبد " و" نستعين " وغير ذلك هو لسان جملة ما يشتمل عليه كلّ واحدة من الرتبتين المذكورتين، فافهم.
وأمّا السرّ الآخر المتضمّن تحقيق ما أجمل، وبيانه، فهو أنّ لكلّ من هاتين المرتبتين :


الصفحة التالية
Icon