فو اللّه ما أظنّك تعرف مقصودي إلّا أن أمدّك اللّه بأيده ونوره، وما فاز بالحقّ إلّا الكامل، فإنّه يواجه غيب الذات بأحد وجهيه المنبّه عليه مواجهة ذاتيّة، لا يمتاز المتوجّه فيها عن المتوجّه إليه إلّا بالجمع بين الوجهين المشتملين على أحكام الحضرتين : فهو المطلق المقيّد، والبسيط المركّب، والواحد الكثير، والحادث الأزلي، له وجد الكون، وبه ظهر كلّ وصل وبين، فتنبّه وانظر بما بيّنّا صحّة حكم قوله تعالى : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وقوله الآخر : إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وقضاؤه حكمه بلا شكّ، وأمره الحقيقي نافذ دون ريب، كما قال سبحانه : فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ولا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ.
فلو لم يكن سرّ العبادة كما ذكر، لزم أن تصحّ عبادة غير اللّه والتوجّه إليه، ولزم تعقيب حكمه وردّ أمره، ويتعالى اللّه عن ذلك وعن كلّ ما لا يليق بجلاله علوّا كبيرا.
فالتخطئة والمؤاخذه وقعتا من أجل الحصر والتعيين والإضافة لأنّ إضافة استحقاق العبادة لشيء واعتقاد أنّه الربّ المطلق التصرّف، ذو الألوهيّة الشاملة الحكم على سبيل حصر هذه الأمور فيه والتعيّن جهل وخلاف الواقع، فصحّت المؤاخذة مع نفاذ الحكم الأوّل والأمر المؤصّل.
وصل من هذا الأصل


الصفحة التالية
Icon