الأول : أنه تعالى قال :﴿وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أخرى لَمْ يُصَلُّواْ﴾ وهذا يدل على أن الطائفة الأولى قد صلّت عند إتيان الثانية، وعند أبي حنيفة ليس الأمر كذلك، لأن الطائفة الثانية عنده تأتي والأولى بعد في الصلاة وما فرغوا منها.
الثاني : أن قوله ﴿فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ﴾ ظاهره يدل على أن جميع صلاة الطائفة الثانية مع الإمام لأن مطلق قولك : صليت مع الإمام يدل على أنك أدركت جميع الصلاة معه، وعلى قول أبي حنيفة ليس الأمر كذلك، وأما أصحاب أبي حنيفة فقالوا : الآية مطابقة لقولنا، لأنه تعالى قال :﴿فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ﴾ وهذا يدل عى أن الطائفة الأولى لم يفرغوا من الصلاة، ولكنهم يصلون ركعة ثم يكونون من وراء الطائفة الثانية للحراسة، وأجاب الواحدي عنه فقال : هذا إنما يلزم إذا جعلنا السجود والكون من ورائكم لطائفة واحدة، وليس الأمر كذلك، بل هو لطائفتين السجود للأولى، والكون من ورائكم الذي بمعنى الحراسة للطائفة الثانية والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٢٠ ـ ٢١﴾

فصل


قال القرطبى :
وقد اختلفت الروايات في هيئة صلاة الخوف، واختلف العلماء لاختلافها ؛ فذكر ابن القَصّار أنه ﷺ صلاها في عشرة مواضع.
قال ابن العربي : رُوي عن النبيّ ﷺ أنه صلى صلاة الخوف أربعاً وعشرين مرّة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل، وهو إمام أهل الحديث والمقدَّم في معرفة علل النقل فيه : لا أعلم أنه رُوي في صلاة الخوف إلاَّ حديث ثابت.
وهي كلها صحاح ثابتة، فعلى أي حديث صلّى منها المصلّي صلاة الخوف أجزأه إن شاء الله.
وكذلك قال أبو جعفر الطبري.


الصفحة التالية
Icon