وقال الآلوسى :
﴿ فَإِذَا اطمأننتم ﴾ أي أقمتم كما قال قتادة ومجاهد وهو راجع إلى قوله تعالى :﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى الأرض ﴾ [ النساء : ١٠١ ] ولما كان الضرب اضطراباً وكنى به عن السفر ناسب أن يكنى بالاطمئنان عن الإقامة، وأصله السكون والاستقرار أي إذا استقررتم وسكنتم من السير والسفر في أمصاركم ﴿ فَأَقِيمُواْ الصلاة ﴾ أي أدوا الصلاة التي دخل وقتها وأتموها وعدلوا أركانها وراعوا شروطها وحافظوا على حدودها، وقيل : المعنى فإذا أمنتم فأتموا الصلاة أي جنسها معدلة الأركان ولا تصلوها ماشين أو راكبين أو قاعدين، وهو المروي عن ابن زيد، وقيل : المعنى : فإذا اطمأننتم في الجملة فاقضوا ما صليتم في تلك الأحوال التي هي حال القلق والانزعاج، ونسب إلى الشافعي رضي الله عنه وليس بالصحيح لما علمت من مذهبه ﴿ وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾ [ فاطر : ١٤ ]. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٣٧ ـ ١٣٨﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ﴾ تفريع عن قوله :﴿ وإذا ضربتم في الأرض فليس علكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم ﴾ [ النساء : ١٠١ ] إلى آخر الآية.
فالاطمئنان مراد به القفول من الغزو، لأنّ في الرجوع إلى الأوطان سكوناً من قلاقل السفر واضطراب البدن، فإطلاق الاطمئنان عليه يشبه أن يكون حقيقة، وليس المراد الاطمئنان الذي هو عدم الخوف لعدم مناسبته هنا، وقد تقدّم القول في الاطمئنان عند قوله تعالى :﴿ ولكن ليطمئنّ قلبي ﴾ من سورة البقرة ( ٢٦٠ ).
ومعنى :﴿ فأقيموا الصلاة ﴾ صلّوها تامّة ولا تقصروها، هذا قول مجاهد وقتادة، فيكون مقابل قوله :﴿ فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ﴾ [ النساء : ١٠١ ]، وهو الموافق لما تقدّم من كون الوارد في القرآن هو حكم قصر الصلاة في حال الخوف، دون قصر السفر من غير خوف.