فصل


قال الشيخ الشنقيطى
قوله تعالى :﴿ إِنَّ الصلاة كَانَتْ عَلَى المؤمنين كِتَاباً مَّوْقُوتاً ﴾.
ذكر في هذه الآية الكريمة أن الصلاة كانت ولم تزل على المؤمنين كتاباً أي : شيئاً مكتوباً عليهم واجباً حتماً موقوتاً أي : له أوقات يجب بدخولها ولم يشر هنا إلى تلك الأوقات، ولكنه أشار لها في مواضع أخر كقوله :﴿ أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس إلى غَسَقِ الليل وَقُرْآنَ الفجر إِنَّ قُرْآنَ الفجر كَانَ مَشْهُوداً ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ] فأشار بقوله :﴿ لِدُلُوكِ الشمس ﴾ وهو زوالها عن كبد السماء على التحقيق إلى صلاة الظهر والعصر وأشار بقوله :﴿ إلى غَسَقِ الليل ﴾ وهو ظلامه إلى صلاة المغرب والعشاء وأشار بقوله :﴿ وَقُرْآنَ الفجر ﴾ إلى صلاة الصبح وعبر عنها بالقرآن بمعنى القراءة. لأنها ركن فيها من التعبير عن الشيء باسم بعضه.
وهذا البيان أوضحته السنة إيضاحاً كلياً، ومن الآيات التي أشير فيها إلى أوقات الصلاة كما قاله جماعة من العلماء.
قوله تعالى :﴿ فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الحمد فِي السماوات والأرض وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾ [ الروم : ١٧-١٨ ] قالوا : المراد بالتسبيح في هذه الآية الصلاة وأشار بقوله :﴿ حِينَ تُمْسُونَ ﴾ إلى صلاة المغرب والعشاء وبقوله :﴿ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾ إلى صلاة الصبح وبقوله :﴿ وَعَشِيًّا ﴾ إلى صلاة العصر وبقوله :﴿ وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾ إلى صلاة الظهر، وقوله تعالى :﴿ وَأَقِمِ الصلاة طَرَفَيِ النهار وَزُلَفاً مِّنَ الليل ﴾ [ هود : ١١٤ ]. وأقرب الأقوال في الآية أنه أشار بطرفي النهار إلى صلاة الصبح أوله وصلاة الظهر والعصر آخره أي : في النصف الأخير منه وأشار بزلف من الليل إلى صلاة المغرب والعشاء.


الصفحة التالية
Icon