وقال ابن كثير : يحتمل أن الآية نزلت قبل فرض الصلوات الخمس، وكان الواجب قبلها صلاتان : صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها، وقيام الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس، وعلى هذا فالمراد بطرفي النهار بالصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها والمراد بزلف من الليل قيام الليل.
قال مقيده - عفا الله عنه - الظاهر أن هذا الاحتمال الذي ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بعيد. لأن الآية نزلت في أبي اليسر في المدينة بعد فرض الصلوات بزمن فهي على التحقيق مشيرة لأوقات الصلاة، وهي آية مدنية في سورة مكية وهذه تفاصيل أوقات الصلاة بأدلتها المبينة لها من السنة، ولا يخفى أن لكل وقت منها أولا وآخراً، أما أول وقت الظهر فهو زوال الشمس عن كبد السماء بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى ﴿ أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس ﴾ [ الإسراء : ٧٨ ] فاللام للتوقيت ودلوك الشمس زوالها عن كبد السماء على التحقيق.
وأما السنة فمنها حديث أبي برزة الأسلمي عند الشيخين. كان النَّبي ﷺ يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس الحديث، ومعنى تدحض : تزول عن كبد السماء.
وفي رواية مسلم : حين تزول.
وفي الصحيحين عن جابر - رضي الله عنه - كان النَّبي ﷺ يصلي الظهر بالهاجرة، وفي الصحيحين من حديث أنس - رضي الله عنه - أنه خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر وفي حديث ابن عباس عن النَّبي ﷺ قال :" أمني جبريل عند باب البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس " الحديث أخرجه الإمامان الشافعي وأحمد، وأبو داود وابن خزيمة والدارقطني والحاكم في المستدرك وقال : هو حديث صحيح.