وقد ذهب إلى حديث ابن مسعود الثوريّ في إحدى الروايات الثلاث عنه وأشهب بن عبد العزيز فيما ذكر أبو الحسن اللخمي عنه، والأوّل ذكره أبو عمر وابن يونس وابن حبيب عنه.
وروى أبو داود من حديث حذيفة وأبي هريرة وابن عمر : أنه عليه السَّلام صلّى بكل طائفة ركعة ولم يقضوا، وهو مقتضى حديث ابن عباس "وفي الخوف ركعة".
وهذا قول إسحاق.
وقد تقدّم في "البقرة" الإشارة إلى هذا، وأن الصَّلاة أولى بما احتيط لها، وأن حديث ابن عباس لا تقوم به حجة، وقوله في حديث حذيفة وغيره :"ولم يقضوا" أي في علم من روى ذلك، لأنه قد رُوي أنهم قضوا ركعة في تلك الصَّلاة بعينها، وشهادة من زاد أوْلى.
ويحتمل أن يكون المراد لم يقضوا، أي لم يقضوا إذا أمنوا، وتكون فائدة أن الخائف إذا أمن لا يقضي ما صلّى على تلك الهيئة من الصلوات في الخوف، قال جميعه أبو عمر.
وفي صحيح مسلم عن جابر : أنه عليه السَّلام صلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين.
قال : فكان لرسول الله ﷺ أربع ركعات وللقوم ركعتان.
وأخرجه أبو داود والدّارقطني من : حديث الحسن عن أبي بكرة وذكرا فيه أنه سلم من كل ركعتين.
وأخرجه الدّارقطني أيضاً عن الحسن عن جابر " أن رسول الله ﷺ صلى بهم ركعتين ثم سلّم، ثم صلّى بالآخرين ركعتين ثم سلّم " قال أبو داود : وبذلك كان الحسن يفتي، وروي عن الشافعيّ.
وبه يحتج كل من أجاز اختلاف نية الإمام والمأموم في الصَّلاة، وهو مذهب الشافعيّ والأوزاعيّ وابن عُلَيّة وأحمد بن حنبل وداود.
وعَضَدُوا هذا بحديث جابر : أن معاذاً كان يصلّي مع النبيّ ﷺ العشاء ثم يأتي فيؤمُّ قومه، الحديثَ.
وقال الطحاويّ : إنما كان هذا في أول الإسلام إذ كان يجوز أن تصلّي الفريضة مرتين ثم نسخ ذلك، والله أعلم.
فهذه أقاويل العلماء في صلاة الخوف.