فصل


قال الآلوسى :
﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ ﴾ بيان لما قبله من النص المجمل في مشروعية القصر بطريق التفريع وتصوير لكيفيته عند الضرورة التامة، والخطاب للنبي ﷺ بطريق التجريد، وتعلق بظاهره من خص صلاة الخوف بحضرته عليه الصلاة والسلام كالحسن بن ( زيد )، ونسب ذلك أيضاً لأبي يوسف، ونقله عنه الجصاص في كتاب "الأحكام"، والنووي في المهذب، وعامة الفقهاء على خلافه فإن الأئمة بعده ﷺ نوابه وقوّام بما كان يقوم به فيتناولهم حكم الخطاب الوارد له عليه الصلاة والسلام كما في قوله تعالى :﴿ خُذْ مِنْ أموالهم صَدَقَةً ﴾ [ التوبة : ١٠٣ ] وقد أخرج أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم عن ثعلبة بن زهدم قال :"كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله ﷺ صلاة الخوف ؟ فقال حذيفة : أنا، ثم وصف له ذلك فصلوا كما وصف ولم يقضوا، وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم ينكره أحد منهم وهم الذين لا تأخذهم في الله تعالى لومة لائم" وهذا يحل محل الإجماع، ويرد ما زعمه المزني من دعوى النسخ أيضاً ﴿ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصلاة ﴾ أي أردت أن تقيم بهم الصلاة ﴿ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ مَّعَكَ ﴾ بعد أن جعلتهم طائفتين ولتقف الطائفة الأخرى تجاه العدو للحراسة ولظهور ذلك ترك ﴿ وَلْيَأْخُذُواْ ﴾ أي الطائفة المذكورة القائمة معك ﴿ أَسْلِحَتَهُمْ ﴾ مما لا يشغل عن الصلاة كالسيف والخنجر.
وعن ابن عباس أن الآخذة هي الطائفة الحارسة فلا يحتاج حينئذٍ إلى التقييد إلا أنه خلاف الظاهر، والمراد من الأخذ عدم الوضع وإنما عبر بذلك عنه للإيذان بالاعتناء باستصحاب الأسلحة حتى كأنهم يأخذونها ابتداءاً. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٣٤ ـ ١٣٥﴾


الصفحة التالية
Icon