قوله تعالى ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (١٠٨)﴾
فصل
قال البقاعى :
﴿يستخفون﴾ أي هؤلاء الخونة : طعمة ومن مالأه وهو يعلم باطن أمره ﴿من الناس﴾ حياء منهم وخوفاً من أن يضروهم لمشاهدتهم لهم وقوفاً مع الوهم كالبهائم ﴿ولا يستخفون﴾ أي يطلبون ويوجدون الخفية بعدم الخيانة ﴿من الله﴾ أي الذي لا شيء أظهر منه لما له من صفات الكمال ﴿وهو﴾ أي والحال أنه ﴿معهم﴾ لا يغيب عنه شيء من أحوالهم، ولا يعجزه شيء من نكالهم، فالاستخفاء منه لا يكون إلا بترك الخيانة ومحض الإخلاص، فواسوأتاه من أغلب الأفعال والأقوال والأحوال! ﴿إذ﴾ أي حين ﴿يبيتون﴾ أي يرتبون ليلاً على طريق الإمعان في الفكر والإتقان للرأي ﴿ما لا يرضى من القول﴾ أي من البهت والحلف عليه، فلا يستحيون منه ولا يخافون، لاستيلاء الجهل والغفلة على قلوبهم وعدم إيمانهم بالغيب.
ولما أثبت علمه سبحانه وتعالى بهذا من حالهم عمم فقال :﴿وكان الله﴾ أي الذي كل شيء في قبضته لأنه الواحد الذي لا كفوء له ﴿بما يعملون﴾ أي من هذا وغيره ﴿محيطاً﴾ أي علماً وقدرة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣١٤﴾
فصل
قال الفخر :
الاستخفاء في اللغة معناه الاستتار، يقال استخفيت من فلان، أي تواريت منه واستترت.
قال تعالى :﴿وَمَنْ هُوَ مُستَخِف بِالليلِ﴾ [ الرعد : ١٠ ] أي مستتر، فقوله :﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس﴾ أي يستترون من الناس ولا يستترون من الله.
قال ابن عباس : يستحيون من الناس ولا يستحيون من الله.