" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ ثُمَّ يَرْمِ بِهِ ﴾ : في هذه الهَاءِ أقوالٌ :
أحدُها : أنها تعود على " إثماً " لأنه الأقْرب، والمتعاطفان بـ " أو " : يجُوز أن يعودَ الضَّمير على المَعْطُوف كهذه الآية، وعلى المعطوف عليه ؛ كقوله :﴿ وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا ﴾ [ الجمعة : ١١ ].
والثاني : أنها تعودُ على الكَسْبِ المدْلُول عليه بالفعل، نحو :﴿ اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ ﴾ [ المائدة : ٨ ] أي العدل.
الثالث : أنها تعودُ على أحد المذكُورَيْن الدَّالِّ عليه العَطْفُ بـ " أو " فإنه في قُوَّة " ثم يَرْمِ بأحَدِ المذكُورَيْن ".
الرابع : أنَّ في الكَلاَم حَذْفاً، والأصْل :﴿ ومن يكسب خطيئة ثم يرم بها ﴾ ؛ وهذا كما قيل في قوله :﴿ والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة وَلاَ يُنفِقُونَهَا ﴾ [ التوبة : ٣٤ ] أي : يَكْنزِون الذَّهب، ولا ينفقونه.
الخامس : أن يعُود على معنى الخَطِيئة، فكأنَّه قال : ومن يَكْسِب ذَنْباً ثم يَرْم بِهِ، وقيل : جَعَل الخَطِيئَة والإثْم كالشَّيْء الوَاحِد، و" أو " هنا لتَفْصِيل المُبْهَمِ، وتقدَّم له نَظَائرُ.
وقرأ مُعاذُ بن جَبَل :" يَكسِّبْ " بِكسْر الكاف وتَشْدِيد السِّين، وأصْلُها : يَكْتَسِبْ، فأدغمت تَاءُ الافْتعال في السِّين، وكُسِرت الكافُ إتباعاً، وهذا شَبيهٌ بـ " يَخِطِّف " [ البقرة : ٢٠ ]، وقد تقدَّم تَوْجِيههُ في البقرة، وقرأ الزهري :" خَطِيَّة " بالتَّشديدِ، وهو قياسُ تَخْفِيفها.
وقوله :﴿ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ﴾ أي : يقْذِفُ بما جَنَى " بَريئاً " منه كما نُسِبَتِ السَّرِقَة إلى اليَهُودِي.
[ قوله ] :﴿ فَقَدِ احتمل بُهْتَاناً ﴾ البهتان : هو البهْت، وهو الكَذِب الَّذي يتحيَّر في عِظمهِ ؛ لأنَّهُ إذا قيل للإنْسَان، بُهت وتَحَيَّر.
رَوَى مُسْلِمٌ، عن أبِي هُرَيْرة، " قال رسُول الله ﷺ : تَدْرُون ما الغيبة ؟ قالُوا : الله ورسُولُه أعْلَم، قال :" ذِكْرُكَ أخَاكَ بما يَكْرَهُ ".


الصفحة التالية
Icon