﴿ إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.. قالوا : فيم كنتم؟ قالوا : كنا مستضعفين في الأرض. قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنم، وساءت مصيراً. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، لا يستطيعون حيلة، ولا يهتدون سبيلاً. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله عفوّاً غفوراً ﴾..
لقد كان هذا النص يواجه حالة واقعة في الجزيرة العربية - في مكة وغيرها - بعد هجرة رسول الله - ﷺ - وقيام الدولة المسلمة. فقد كان هناك مسلمون لم يهاجروا. حبستهم أموالهم ومصالحهم - حيث لم يكن المشركون يدعون مهاجراً يحمل معه شيئاً من ماله - أو حبسهم إشفاقهم وخوفهم من مشاق الهجرة - حيث لم يكن المشركون يدعون مسلماً يهاجر حتى يمنعوه ويرصدوا له في الطريق.. وجماعة حبسهم عجزهم الحقيقي، من الشيوخ والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة للهرب ولا يجدون سبيلاً للهجرة..
وقد اشتد أذى المشركين لهؤلاء الباقين من أفراد المسلمين ؛ بعد عجزهم عن إدراك الرسول - ﷺ - وصاحبه، ومنعهما من الهجرة. وبعد قيام الدولة المسلمة.
وبعد تعرض الدولة المسلمة لتجارة قريش في بدر، وانتصار المسلمين ذلك الانتصار الحاسم. فأخذ المشركون يسومون هذه البقية المتخلفة ألواناً من العذاب والنكال، ويفتنونهم عن دينهم في غيظ شديد.
وقد فتن بعضهم عن دينهم فعلاً ؛ واضطر بعضهم إلى إظهار الكفر تقية، ومشاركة المشركين عبادتهم.. وكانت هذه التقية جائزة لهم يوم أن لم تكن لهم دولة يهاجرون إليها - متى استطاعوا - فأما بعد قيام الدولة، ووجود دار الإسلام، فإن الخضوع للفتنة، أو الالتجاء للتقية، وفي الوسع الهجرة والجهر بالإسلام، والحياة في دار الإسلام.. أمر غير مقبول.


الصفحة التالية
Icon