وقال الراغب : إن القوم كانوا مسلمين ولم يهموا بإضلاله ﷺ أصلاً وإنما كان ذلك صواباً عندهم وفي ظنهم ؛ وجوز أبو البقاء أن يكون الجواب محذوفاً والتقدير ولولا فضل الله عليك ورحمته لأضلوك ثم استأنف بقوله سبحانه :﴿ لَهَمَّتْ ﴾ أي لقد همت بذلك ﴿ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنفُسَهُمْ ﴾ أي ما يزيلون عن الحق إلا أنفسهم، أو ما يهلكون إلا إياها لعود وبال ذلك وضرره عليهم، والجملة اعتراضية، وقوله تعالى :﴿ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْء ﴾ عطف عليه وعطف على ﴿ أَن يُضِلُّوكَ ﴾ وهم محض ؛ و﴿ مِنْ ﴾ صلة، والمجرور في محل النصب على المصدرية أي وما يضرونك شيئاً من الضرر لما أنه تعالى عاصمك عن الزيغ في الحكم، وأما ما خطر ببالك فكان عملاً منك بظاهر الحال ثقة بأقوال القائلين من غير أن يخطر لك أن الحقيقة على خلاف ذلك، أو لما أنه سبحانه عاصمك عن المداهنة والميل إلى آراء الملحدين والأمر بخلاف ما أنزل الله تعالى عليك، أو لما أنه جل شأنه وعدك العصمة من الناس وحجبهم عن التمكن منك. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٤٣ ـ ١٤٤﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك ﴾ عطف على ﴿ ولا تكن للخائنين خصيماً ﴾ [ النساء : ١٠٥ ].
والمراد بالفضل والرحمة هنا نِعمة إنزال الكتاب تفصيلا لوجوه الحقّ في الحكم وعصمته من الوقوع في الخطأ فيه.
وظاهر الآية أنّ هَمّ طائفة من الذين يختانون أنفسهم بأن يُضلّون الرسول غيرُ واقع من أصله فضلا عن أن يضلّوه بالفعل.


الصفحة التالية
Icon