وقال الطبرى :
"وما يضرونك من شيء"، وما يضرك هؤلاء الذين هموا لك أن يزلُّوك عن الحق في أمر هذا الخائن من قومه وعشيرته"من شيء"، لأن الله مثبِّتك ومسدِّدك في أمورك، ومبيِّن لك أمر من سعوا في إضلالك عن الحق في أمره وأمرهم، ففاضِحُه وإياهم. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٩ صـ ٢٠٠﴾
سؤال : فإن قيل : كيف قال :﴿ ولولا فضل الله عليك ورحمته لهَمَّت طائفة ﴾ وقد همت بإضلاله ؟
فالجواب : أنه لولا فضل الله عليك ورحمته، لظهر تأثير ما همّوا به. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ١٩٧﴾
قوله تعالى ﴿وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب والحكمة وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أنّا إن فسرنا قوله ﴿وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَىْء﴾ بأن المراد أنه تعالى وعده بالعصمة في المستقبل كان قوله ﴿وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب والحكمة﴾ مؤكداً لذلك الوعد، يعني لما أنزل عليك الكتاب والحكمة وأمرك بتبليغ الشريعة إلى الخلق فكيف يليق بحكمته أن لا يعصمك عن الوقوع في الشبهات والضلالات، وإن فسرنا تلك الآية بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان معذوراً في بناء الحكم على الظاهر كان المعنى : وأنزل عليك الكتاب والحكمة وأوجب فيها بناء أحكام الشرع على الظاهر فكيف يضرك بناء الأمر على الظاهر.
ثم قال تعالى :﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾
قال القفال رحمه الله : هذه الآية تحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون المراد ما يتعلق بالدين، كما قال ﴿مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الكتاب وَلاَ الإيمان﴾ [ الشورى : ٥٢ ] وعلى هذا الوجه تقدير الآية : أنزل الله عليك الكتاب والحكمة وأطلعك على أسرارهما وأوقفك على حقائقهما مع أنك ما كنت قبل ذلك عالماً بشيء منهما، فكذلك يفعل بك في مستأنف أيامك لا يقدر أحد من المنافقين على إضلالك وإزلالك.


الصفحة التالية
Icon