فصل


قال الآلوسى :
﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الرسول ﴾ أي يخالفه من الشق فإن كلاً من المتخالفين في شق غير شق الآخر، ولظهور الانفكاك بين الرسول ومخالفه فك الإدغام هنا، وفي قوله سبحانه في الأنفال ( ١٣ ) ﴿ وَمَن يُشَاقِقِ الله وَرَسُولَهُ ﴾ رعاية لجانب المعطوف، ولم يفك في قوله تعالى في الحشر ( ٤ ) ﴿ وَمَن يُشَاقّ الله ﴾ وقال الخطيب : في حكمة الفك والإدغام أن أل في الاسم الكريم لازمة بخلافها في الرسول، واللزوم يقتضي الثقل فخفف بالإدغام فيما صحبته الجلالة بخلاف ما صحبه لفظ الرسول، وفي آية الأنفال صار المعطوف والمعطوف عليه كالشيء الواحد، وما ذكرناه أولى، والتعرض لعنوان الرسالة لإظهار كمال شناعة ما اجترءوا إليه من المشاقة والمخالفة، وتعليل الحكم الآتي بذلك، والآية نزلت كما قدمناه في سارق الدرع أو مودعها، وقيل : في قوم طعمة لما ارتدوا بعد أن أسلموا، وأياً مّا كان فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيندرج فيه ذلك وغيره من المشاقين.
﴿ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهدى ﴾ أي ظهر له الحق فيما حكم به النبي ﷺ أو فيما يدعيه عليه الصلاة والسلام بالوقوف على المعجزات الدالة على نبوته ﴿ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين ﴾ أي غير ما هم مستمرون عليه من عقد وعمل فيعم الأصول والفروع والكل والبعض ﴿ نُوَلّهِ مَا تولى ﴾ أي نجعله والياً لما تولاه من الضلال ويؤول إلى أنا نضله، وقيل : معناه ( نخذله بأن ) نخل بينه وبين ما اختاره لنفسه، وقيل : نكله في الآخرة إلى ما اتكل عليه وانتصر به في الدنيا من الأوثان ﴿ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ﴾ أي ندخله إياها، وقد تقدم.
وقرىء بفتح النون من صلاه ﴿ وَسَاءتْ مَصِيراً ﴾ أي جهنم أو التولية. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٤٦﴾


الصفحة التالية
Icon