قال الإمام ابن كثير : قوله تعالى :﴿ وَيَتّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤْمِنِينَ ﴾ هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقاً، فإنه قد ضمنت لهم العصمة، في اجتماعهم، من الخطأ، تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك، ومن العلماء من ادعى تواتر معناها، والذي عوّل عليه الشافعيّ رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته، هذه الآية الكرمية، بعد التروّي والفكر الطويل، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك. انتهى.
وقال بعض مفسري الزيدية : الآية دلت على أن مشاقة الرسول صَلّى اللهُ عليّه وسلّم كبيرة، وقد تبلغ إلى الكفر، ودلت على أن الجهل عذر، لقوله :﴿ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُ الْهُدَى ﴾ ودلت على أن مخالفة الإجماع كبيرة، وأنه دليل كالكتاب والسنة لكن إنما يكون كبيرة إذا كان نقله قطعياً، لا آحادياً. انتهى.
وقال المهايمي : في الآية دليل على حرمة مخالفة الإجماع، لأنه عز وجل رتب الوعيد الشديد على مشاقة الرسول ومخالفة الإجماع، فهو إما لحرمة أحدهما وهو باطل، إذ يقبح أن يقال من شرب الخمر وأكل الخبز استوجب الحد، إذ لا دخل لأكل الخبز فيه، أولحرمة الجمع بينهما وهو أيضاً باطل، لأن مشاقة الرسول حرام وإن لم يضم إليها غيرها، أو لحرمة كل واحد منهما وهو المطلوب. انتهى.