قال القاضي عِياض : ووقع في رواية الهَرَوِيّ أحد رواة مسلم مكان "الواشمة والمستوشمة" "الواشية والمستوشية" ( بالياء مكان الميم ) وهو من الوَشْي وهو التزيُّن ؛ وأصل الوشي نسج الثوب على لونين، وثور مُوشًّى في وجهه وقوائمه سواد ؛ أي تشي المرأة نفسها بما تفعله فيها من التنميص والتفليج والأشْر.
والمتنمصات جمع متنمّصة وهي التي تقلع الشعر من وجهها بالمِنْمَاص، وهو الذي يقلع الشعر : ويُقال لها النامصة.
ابن العربي : وأهل مصر ينتفون شعر العانة وهو منه ؛ فإن السُّنّة حلق العانة ونَتْف الإبط، فأما نتف الفرج فإنه يُرخيه ويؤذيه، ويبطل كثيراً من المنفعة فيه.
والمُتَفَلِّجات جمع متفلِّجة، وهي التي تفعل الفلَج في أسنانها ؛ أي تعانيه حتى ترجع المُصْمَتة الأسنان خِلَقة فَلْجَاء صَنْعَة.
وفي غير كتاب مسلم :"الوَاشِرَات"، وهي جمع وَاشِرة، وهي التي تَشِر أسنانها ؛ أي تصنع فيها أشراً، وهي التحزيزات التي تكون في أسنان الشبان ؛ تفعل ذلك المرأة الكبيرة تَشَبّهاً بالشابة.
وهذه الأُمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر.
واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها ؛ فقيل : لأنها من باب التدليس.
وقيل : من باب تغيير خلق الله تعالى ؛ كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأوّل.
ثم قيل : هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً ؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك مالكٌ وغيره، وكرهه مالكٌ للرجال.
وأجاز مالك أيضاً أن تَشِي المرأة يديها بالحنّاء.
ورُوي عن عمر إنكار ذلك وقال : إمّا أن تخضب يديها كلَّها وإما أن تَدَع.
وأنكر مالك هذه الرواية عن عمر، ولا تدع الخضاب بالحنّاء ؛ فإن النبيّ ﷺ رأى امرأة لا تختضب فقال :" لا تدع إحداكن يدها كأنها يد رجل " فما زالت تختضب وقد جاوزت التسعين حتى ماتت.