قال القاضي عياض : وجاء حديث بالنهي عن تسويد الحناء، ذكره صاحب المصابيح ولا تتعطّل، ويكون في عنقها قِلادة من سَيْر في خرز ؛ فإنه يروى " عن النبيّ ﷺ أنه قال لعائشة رضي الله عنها :"إنه لا ينبغي أن تكوني بغير قِلادة إما بخيط وإما بسَيْر" " وقال أنس : يستحب للمرأة أن تعلق في عنقها في الصَّلاة ولو سيراً.
قال أبو جعفر الطبري : في حديث ابن مسعود دليل على أنه لا يجوز تغيير شيء من خلقها الذي خلقها الله عليه بزيادة أو نقصان، التماسَ الحسن لزوج أو غيره، سواء فلّجت أسنانها أو وَشَرتها، أو كان لها سن زائدة فأزالتها أو أسنان طِوال فقطعت أطرافها.
وكذا لا يجوز لها حلق لِحية أو شارب أو عنفقة إن نبتت لها ؛ لأن كل ذلك تغيير خلق الله.
قال عياض : ويأتي على ما ذكره أن من خلق بأصبع زائدة أو عضو زائد لا يجوز له قطعه ولا نزعه ؛ لأنه من تغيير خلق الله تعالى، إلاَّ أن تكون هذه الزوائد تؤلمه فلا بأس بنزعها عند أبي جعفر وغيره.
قلت : ومن هذا الباب قوله ﷺ :" لعن الله الواصلة والمستوصِلة والواشِمة والمستوشِمة " أخرجه مسلم.
فنهى ﷺ عن وصل المرأة شعرها ؛ وهو أن يضاف إليه شعر آخر يكثر به، والواصلة هي التي تفعل ذلك، والمستوصِلة هي التي تستدعي من يفعل ذلك بها.
مسلم عن جابر قال : زجر النبيّ ﷺ أن تِصل المرأة بشعرها شيئاً.
وخرّج عن أسماء بنت أبي بكر قالت :" جاءت امرأة إلى النبيّ ﷺ فقالت : يا رسول الله، إن لي ابنة عُرَيِّسا أصابتها حِصْبة فتمرّق شعرها أفأصِله ؟ فقال :"لعن الله الواصلة والمستوصِلة" " وهذا كله نص في تحريم وصل الشعر، وبه قال مالك وجماعة العلماء.
ومنعوا الوصل بكل شيء من الصوف والخِرق وغير ذلك ؛ لأنه في معنى وصله بالشعر.
وشذ الليث بن سعد فأجاز وصله بالصوف والخرق وما ليس بشعر ؛ وهذا أشبه بمذهب أهل الظاهر.