وأباح آخرون وضع الشعر على الرأس وقالوا : إنما جاء النهي عن الوصل خاصة، وهذه ظاهرية محضة وإعراض عن المعنى.
وشذ قوم فأجازوا الوصل مطلقاً، وهو قول باطل قطعاً ترده الأحاديث.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها ولم يصح.
وروي عن ابن سيرين أنه سأله رجل فقال : إن أُمي كانت تَمشُط النساء، أتراني آكل من مالها ؟ فقال : إن كانت تصل فلا.
ولا يدخل في النهي ما ربط منه بخيوط الحرير الملوّنة على وجه الزينة والتجميل، والله أعلم.
وقالت طائفة : المراد بالتغيير لخلق الله هو أن الله تعالى خلق الشمس والقمر والأحجار والنار وغيرها من المخلوقات ؛ ليعتبر بها وينتفع بها، فغيرها الكفار بأن جعلوها آلهة معبودة.
قال الزجاج : إن الله تعالى خلق الأنْعام لتُركب وتؤكل فحرّموها على أنفسهم، وجعل الشمس والقمر والحجارة مسخَّرة للناس فجعلوها آلهة يعبدونها، فقد غيّروا ما خلق الله.
وقاله جماعة من أهل التفسير : مجاهد والضحاك وسعيد بن جبير وقتادة.
وروي عن ابن عباس ﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله ﴾ دين الله ؛ وقاله النخعِيّ، واختاره الطبري قال : وإذا كان ذلك معناه دخل فيه فعل كل ما نهى الله عنه من خصاء ووشم وغير ذلك من المعاصي ؛ لأن الشيطان يدعو إلى جميع المعاصي ؛ أي فليغيرنّ ما خلق الله في دينه.
وقال مجاهد أيضاً :﴿ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله ﴾ فطرة الله التي فطر الناس عليها ؛ يعني أنهم ولدوا على الإسلام فأمرهم الشيطان بتغييره، وهو معنى قوله عليه السَّلام :" كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه " فيرجع معنى الخلق إلى ما أوجده فيهم يوم الذَّرِّ من الإيمان به في قوله تعالى :﴿ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى ﴾ [ الأعراف : ١٧٢ ].
قال ابن العربيّ : روي عن طاوس أنه كان لا يحضر نكاح سوداء بأبيض ولا بيضاء بأسود، ويقول ؛ هذا من قول الله ﴿ فَلَيغيِّرُونَّ خَلْقَ اللَّهِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon