قوله تعالى :﴿ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله ﴾.
قال بعض العلماء : معنى هذه الآية أن الشيطان يأمرهم بالكفر وتغيير فطرة الإسلام التي خلقهم الله عليها، وهذا القول يبينه ويشهد له قوله تعالى :﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ الله التي فَطَرَ الناس عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ﴾ [ الروم : ٣٠ ] إذ المعنى على التحقيق لا تبدلوا فطرة الله التي خلقكم عليها بالكفر. فقوله :﴿ لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله ﴾ خبر أريد به الإنشاء إيذاناً بأنه لا ينبغي إلا أن يمتثل، حتى كأنه خبر واقع بالفعل لا محالة، ونظيره قوله تعالى :﴿ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ ﴾ [ البقرة : ١٩٧ ] الآية أي : لا ترفثوا، ولا تفسقوا، ويشهد لهذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النَّبي ﷺ " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء، هل تجدون فيها من جدعاء " وما رواه مسلم في صحيحه عن عياض بن حمار بن أبي حمار التميمي. قال : قال رسول الله ﷺ :" إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم ".
وأما على القول بأن المراد في الآية بتغيير خلق الله خصاء الدواب، والقول بأن المراد به الوشم، فلا بيان في الآية المذكورة، وبكل من الأقوال المذكورة. قال جماعة من العلماء، وتفسير بعض العلماء لهذه الآية بأن المراد بها خصاء الدواب يدل على عدم جوازه. لأنه مسوق في معرض الذم واتباع تشريع الشيطان، أما خصاء بني آدم فهو حرام إجماعاً. لأنه مثلة، وتعذيب وقطع عضو، وقطع نسل من غير موجب شرعي، ولا يخفى أن ذلك حرام.


الصفحة التالية
Icon