وقال السمرقندى :
قوله تعالى :
﴿ والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ أي صدقوا بالله تعالى والرسول والقرآن، وأدوا الفرائض، وانتهوا عن المحارم ﴿ سَنُدْخِلُهُمْ جنات ﴾ وهي البساتين ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ وهي أربعة أنهار : نهر من ماء غير آسن، ونهر من لبن، ونهر من خمر، ونهر من عسل مصفى.
﴿ خالدين فِيهَا أَبَداً ﴾ يعني مطمئنين فيها، لا يتغير بهم الحال.
فهذا وعد من الله تعالى.
ثم قال :﴿ وَعْدَ الله حَقّا ﴾ أي صدقاً وكائناً، أنجز لهم ما وعد لهم من الجنة ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلاً ﴾ أي قولاً ووعداً. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ٣٦٥ ـ ٣٦٦﴾
وقال الخازن :
﴿ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ﴾ يعني من تحت المساكن والغرف ﴿ خالدين فيها ﴾ يعني في الجنات ﴿ أبداً ﴾ بلا انتهاء ولا غاية والأبد عبارة عن مدة الزمان الممتد الذي لا انقطاع له ولا يتجزأ كما يتجزأ غيره من الأزمنة لأنه لا يقال أبد كذا كما يقال زمن كذا وفي قوله :﴿ خالدين فيها أبداً ﴾ دليل على أن الخلود لا يفيد التأبيد والدوام لأنه لو أفاد ذلك لزم التكرار وهو خلاف الأصل فعلم من ذلك أن الخلود عبارة عن طول الزمان لا على الدوام فلما أتبع الخلود بالأبد علم أنه يراد به الدوام الذي لا ينقطع.
وقوله عز وجل :﴿ وعد الله حقاً ﴾ يعني وعد الله ذلك الذي ذكر وعدا حقاً ﴿ ومن أصدق من الله قيلاً ﴾ يعني ليس أحد أصدق من الله وهو توكيد بليغ لقوله :﴿ وعد الله حقاً ﴾. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ١ صـ ٦٠٠ ـ ٦٠١﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿ وعد الله ﴾ مصدر مؤكّد لمضمون جملة :﴿ سندخلهم جنات تجري ﴾ الخ، وهي بمعناه، فلذلك يسمّي النحاة مثلَه مؤكّداً لنفسه، أي مؤكّداً لما هو بمعناه.
وقوله :﴿ حقاً ﴾ مصدر مؤكّد لِمضمون ﴿ سندخلهم جنات ﴾، إذ كان هذا في معنى الوعد، أي هذا الوعد أحقّقه حقّاً، أي لا يتخلّف.