أما الفضل بالنسبة لله فأمره مختلف. إنه غير محدود ولا رجوع فيه. وهذا هو معنى ﴿ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾، فسبحانه لا يكتفي بجزاء صاحب الحسنة بحسنة، بل يعطي جزاء الحسنة عشر أمثالها وإلى سبعمائة ضعف، ولا يتراجع عن الفضل ؛ فالتراجع في الفضل - بالنسبة لله - هو ظلم للعبد. ولا يقارن الفضل من الله بالفضل من البشر. فالبشر يمكن أن يتراجعوا في الفضل أما الله فلا رجوع عنده عن الفضل.
وهو القائل :
﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾
[يونس : ٥٨]
وأصحاب العمل الصالح مع الإيمان يدخلون الجنة مصداقاً لقوله تعالى :﴿ فَأُوْلَائِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ والنقير هو : النقرة في ظهره النواة، وهي أمر ضئيل للغاية. وهناك شيء آخر يسمى " الفتيل " وهو المادة التي تشبه الخيط في بطن نواة التمر، وشيء ثالث يشبه الورقة ويغلف النواة واسمه " القطمير ".
وضرب الله الأمثال بهذه الأشياء القليلة لنعرف مدى فضله سبحانه وتعالى في عطائه للمؤمنين. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ٢٦٦٣ ـ ٢٦٦٥﴾