وقال بعض العلماء : الحرف المحذوف هو في أي : ترغبون في نكاحهن إن كن متصفات بالجمال وكثرة المال مع أنكم لا تقسطون فيهن، والذين قالوا بالمجاز واختلفوا في جواز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه معاً أجازوا ذلك في المجاز العقلي كقولك : أغناني زيد وعطاؤه، فإسناد الإغناء إلى زيد حقيقة عقلية، وإسناده إلى العطاء مجاز عقلي فجاز جمعها، وكذلك إسناد الإفتاء إلى الله حقيقي، وإسناده إلى ما يتلى مجاز عقلي عندهم. لأنه سببه فيجوز جمعهما.
وقال بعض العلماء : إن قوله :﴿ وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ ﴾ [ النساء : ١٢٧ ] في محل جر معطوفاً على الضمير، وعليه فتقرير المعنى قل الله يفتيكم فيهن ويفتيكم فيما يتلى عليكم وهذا الوجه يضعفه أمران :
الأول : أن الغالب أن الله يفتي بما يتلى في هذا الكتاب، ولا يفتي فيه لظهور أمره.
الثاني : أن العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ضعفه غير واحد من علماء العربية، وأجازه ابن مالك مستدلاً بقراءة حمزة، والأرحام بالفخض عطفاً على الضمير من قوله : تساءلون به، وبوروده في الشعر كقوله :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا... فاذهب فما بك والأيام من عجب
بجر الأيام عطفاً على الكاف، ونظيره قول الآخر :
نعلق في مثل السواري سيوفنا... وما بينها والكعب مهوى نفانف.
بجر الكعب معطوفاً على الضمير قبله، وقول الآخر :
وقد رام آفاق السماء فلم يجد... له مصعداً فيها ولا الأرض مقعدا
فقوله : ولا الأرض بالجر معطوفاً على الضمير، وقول الآخر :
أمر على الكتيبة لست أدري... أحنفي كان فيها أم سواها
فسواها في محل جر بالعطف على الضمير، وأجيب عن الآية بجواز كونها قسماً، والله تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه، كما أقسم بمخلوقاته كلها في قوله تعالى :﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ ﴾ [ الحاقة : ٣٨-٣٩ ] الآية.