وفي هذا رد على من زعم أن النبي ﷺ اختص بعض أصحابه بشيء من الدين.
وقيل : الخليل المحتاج ؛ فإبراهيم خليل الله على معنى أنه فقير محتاج إلى الله تعالى ؛ كأنه الذي به الاختلال.
وقال زُهير يمدح هَرِمَ بن سِنان :
وإن أتاه خليلٌ يوم مَسْغَبَةٍ...
يقول لا غائبٌ مالِي ولا حَرِمُ
أي لا ممنوع.
قال الزجاج : ومعنى الخليل ؛ الذي ليس في محبته خلل ؛ فجائز أن يكون سمي خليلاً لله بأنه الذي أحبه واصطفاه محبة تامة.
وجائز أن يسمى خليل الله أي فقيراً إلى الله تعالى ؛ لأنه لم يجعل فقره ولا فاقته إلاَّ إلى الله تعالى مخلصاً في ذلك.
والاختلال الفقر ؛ فروي أنه لما رمى بالمنجنيق وصار في الهواء أتاه جبريل عليه السَّلام فقال : ألك حاجة ؟ قال : أمّا إليك فلا.
فخلة الله تعالى لإبراهيم نصرته إياه.
وقيل : سمي بذلك بسبب أنه مضى إلى خليل له بمصر، وقيل : بالموصل لِيمتار من عنده طعاماً فلم يجد صاحبه، فملأ غرائره رملاً وراح به إلى أهله فحطّه ونام ؛ ففتحه أهله فوجدوه دقيقاً فصنعوا له منه، فلما قدّموه إليه قال : من أين لكم هذا ؟ قالوا : من الذي جئت به من عند خليلك المصريّ ؛ فقال : هو من عند خليلي ؛ يعني الله تعالى، فسمِّيَ خليل الله بذلك.
وقيل : إنه أضاف رؤساء الكفار وأهدى لهم هدايا وأحسن إليهم فقالوا له : ما حاجتك ؟ قال : حاجتي أن تسجدوا سجدة ؛ فسجدوا فدعا الله تعالى وقال : اللَّهُمَّ إني قد فعلت ما أمكنني فافعل اللَّهُمَّ ما أنت أهل لذلك ؛ فوفقهم الله تعالى للإسلام فاتخذه الله خليلاً لذلك.
ويُقال : لما دخلت عليه الملائكة بشبه الآدميِّين وجاء بعجل سمين فلم يأكلوا منه وقالوا : إنا لا نأكل شيئاً بغير ثمن فقال لهم : أعطوا ثمنه وكلوا، قالوا : وما ثمنه ؟ قال : أن تقولوا في أوّله باسم الله وفي آخره الحمد لله، فقالوا فيما بينهم : حق على الله أن يتخذه خليلاً ؛ فاتخذه الله خليلاً.


الصفحة التالية
Icon