قالوا : الفرق بين ﴿مِنْ﴾ الأولى والثانية أن الأولى للتبعيض، والمراد من يعمل بعض الصالحات لأن أحداً لا يقدر على أن يعمل جميع الصالحات، بل المراد أنه إذا عمل بعضها حال كونه مؤمناً استحق الثواب.
واعلم أن هذه الآية من أدل الدلائل على أن صاحب الكبيرة لا يبقى مخلداً في النار، بل ينقل إلى الجنة، وذلك لأنا بينا أن صاحب الكبيرة مؤمن، وإذا ثبت هذا فنقول : إن صاحب الكبيرة إذا كان قد صلّى وصام وحج وزكى وجب بحكم هذه الآية أن يدخل الجنة، ولزم بحكم الآيات الدالة على وعيد الفساق أن يدخل النار، فأما أن يدخل الجنة ثم ينقل إلى النار فذلك باطل بالإجماع، أو يدخل النار ثم ينقل إلى الجنة فذلك هو الحق الذي لا محيد عنه، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٤٤﴾
فائدة
قال القرطبى :
شرط الإيمان لأن المشركين أدلوا بخدمة الكعبة وإطعام الحجيج وقِرَى الأضياف، وأهل الكتاب بسبقهم، وقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه ؛ فبيّن تعالى أن الأعمال الحسنة لا تقبل من غير إيمان. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٩٩﴾.
فصل
قال الفخر :
النقير : نقرة في ظهر النواة منها تنبت النخلة، والمعنى أنهم لا ينقصون قدر منبت النواة.
فإن قيل : كيف خص الله الصالحين بأنهم لا يظلمون مع أن غيرهم كذلك كما قال ﴿وَمَا رَبُّكَ بظلام لّلْعَبِيدِ﴾ [ فصلت : ٤٦ ] وقال ﴿وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً للعالمين﴾ [ آل عمران : ١٠٨ ].
والجواب من وجهين :
الأول : أن يكون الراجع في قوله ﴿وَلاَ يُظْلَمُونَ﴾ عائداً إلى عمال السوء وعمال الصالحات جميعاً،
والثاني : أن كل ما لا ينقص عن الثواب كان بأن لا يزيد في العقاب أولى هذا هو الحكم فيما بين الخلق، فذكر الله تعالى هذا الحكم على وفق تعارف الخلق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٤٥﴾