وقال الآلوسى :
﴿ وَللَّهِ مَا فِى السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ يحتمل أن يكون متصلاً بقوله تعالى :﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات ﴾ [ النساء : ١٢٤ ] على أنه كالتعليل لوجوب العمل، وما بينهما من قوله سبحانه :﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً ﴾ [ النساء : ١٢٥ ] اعتراض أي إن جميع ما في العلو والسفل من الموجودات له تعالى خلقاً وملكاً لا يخرج من ملكوته شيء منها فيجازي كلاً بموجب أعماله إن خيراً فخير وإن شراً فشر وأن يكون متصلاً بقوله جل شأنه :﴿ واتخذ الله ﴾ ( النساء ؛ ١٢٥ ) الخ بناءاً على أن معناه اختاره واصطفاه أي هو مالك لجميع خلقه فيختار من يريده منهم كإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهو لبيان أن اصطفاءه عليه الصلاة والسلام بمحض مشيئته تعالى.
وقيل : لبيان أن اتخاذه تعالى لإبراهيم عليه الصلاة والسلام خليلاً ليس لاحتياجه سبحانه إلى ذلك لشأن من شؤونه كما هو دأب المخلوقين، فإن مدار خلتهم افتقار بعضهم إلى بعض في مصالحهم، بل لمجرد تكرمته وتشريفه، وفيه أيضاً إشارة إلى أن خلته عليه السلام لا تخرجه عن العبودية لله تعالى.
﴿ وَكَانَ الله بِكُلّ شَىْء مُّحِيطاً ﴾ إحاطة علم وقدرة بناءاً على أن حقيقة الإحاطة في الأجسام، فلا يوصف الله تعالى بذلك فلا بدّ من التأويل وارتكاب المجاز على ما ذهب إليه الخلف، والجملة تذييل مقرر لمضمونه ما قبله على سائر وجوهه. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٥٦﴾

فصل


قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَللَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض ﴾ أي مِلكاً واختراعاً.
والمعنى إنه اتخذ إبراهيم خليلاً بحسن طاعته لا لحاجته إلى مخالّته ولا للتكثير به والاعتضاد ؛ وكيف وله ما في السموات وما في الأرض ؟ وإنما أكرمه لامتثاله لأمره. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤٠٢﴾.


الصفحة التالية
Icon