﴿ وَلَوْ على أَنْفُسِكُمْ ﴾ متعلق ب ﴿ شُهَدَآءَ ﴾ ؛ هذا هو الظاهر الذي فسر عليه الناس، وأن هذه الشهادة المذكورة هي في الحقوق فيُقرّبها لأهلها، فذلك قيامه بالشهادة على نفسه ؛ كما تقدّم.
أدّب الله جلّ وعزّ المؤمنين بهذا ؛ كما قال ابن عباس : أمروا أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم.
ويحتمل أن يكون قوله :﴿ شُهَدَآءَ للَّهِ ﴾ معناه بالوحدانية لله، ويتعلق قوله :﴿ وَلَوْ على أَنْفُسِكُمْ ﴾ ب ﴿ قَوَّامِينَ ﴾ والتأويل الأوّل أبّيَن. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤١٢ ـ ٤١٣﴾.
فائدة
قال الفخر :
إنما قدم الأمر بالقيام بالقسط على الأمر بالشهادة لوجوه : الأول : أن أكثر الناس عادتهم أنهم يأمرون غيرهم بالمعروف، فإذا آل الأمر إلى أنفسهم تركوه حتى أن أقبح القبيح إذا صدر عنهم كان في محل المسامحة وأحسن الحسن، وإذا صدر عن غيرهم كان في محل المنازعة فالله سبحانه نبّه في هذه الآية على سوء هذه الطريقة، وذلك أنه تعالى أمرهم بالقيام بالقسط أولاً، ثم أمرهم بالشهادة على الغير ثانياً، تنبيهاً على أن الطريقة الحسنة أن تكون مضايقة الإنسان مع نفسه فوق مضايقته مع الغير.
الثاني : أن القيام بالقسط عبارة عن دفع ضرر العقاب عن الغير، وهو الذي عليه الحق، ودفع الضرر عن النفس مقدم على دفع الضرر عن الغير، الثالث : أن القيام بالقسط فعل، والشهادة قول، والفعل أقوى من القول.
فإن قيل : إنه تعالى قال :﴿شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم قَائِمَاً بالقسط﴾ [ آل عمران : ١٨ ] فقدم الشهادة على القيام بالقسط، وههنا قدم القيام بالقسط، فما الفرق ؟


الصفحة التالية
Icon