وجوز أبو البقاء وغيره كونه صفة لهما أو مرفوع أو منصوب على الذم، وجعله مبتدأ خبره الجملة شرطية لا يخلو من تكلف، والتربص الانتظار، والظاهر من كلام البعض أن مفعوله مقدر والجار والمجرور متعلق به أي ينتظرون وقوع أمر بكم وكلام الراغب يقتضي أنه يتعدى بالباء لأنه من انتظر بالسلعة غلاء السعر، والفاء في قوله تعالى :﴿ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ الله ﴾ لترتيب مضمونه على ما قبلها فإن حكاية تربصهم مستتبعة لحكاية ما يقع بعد ذلك أي فإن اتفق لكم فتح وظفر على الأعداء ﴿ قَالُواْ ﴾ أي لكم ﴿ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ﴾ نجاهد عدوكم فأعطونا نصيباً من الغنيمة ﴿ وَإِن كَانَ للكافرين نَصِيبٌ ﴾ أي حظ من الحرب، فإنها سجال ﴿ قَالُواْ ﴾ أي المنافقون للكفار ﴿ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ ﴾ أي ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم فأبقينا عليكم، أو ألم نغلبكم بالتفضل ونطلعكم على أسرار محمد ﷺ وأصحابه ونكتب إليكم بأخبارهم حتى غلبتم عليهم ﴿ وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ المؤمنين ﴾ أي ندفع عنكم صولة المؤمنين بتخذيلنا إياهم وتثبيطنا لهم وتوانينا في مظاهرتهم وإلقائنا عليهم ما ضعفت به قلوبهم عن قتالكم فاعرفوا لنا هذا الحق عليكم وهاتوا نصيبنا مما أصبتم.
وقيل : المعنى ألم نغلبكم على رأيكم بالموالاة لكم ونمنعكم من الدخول في جملة المؤمنين وهو خلاف الظاهر، وأصل الاستحواذ الاستيلاء، وكان القياس فيه استحاذ يستحيذ استحاذة بالقلب لكن صحت فيه الواو وكثر ذلك فيه، وفي نظائر له حتى ألحق بالمقيس وعُدّ فصيحاً، وقال أبو زيد : إنه قياسي، وعلى كل حال لا يرد على فصاحة القرآن كما حقق في موضعه.


الصفحة التالية
Icon