قال ابن العربيّ : وهذا ضعيف : لعدم فائدة الخبر فيه، وإن أوهم صدر الكلام معناه ؛ لقوله تعالى :﴿ فالله يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القيامة ﴾ فأخّر الحكم إلى يوم القيامة، وجعل الأمر في الدنيا دُولاً تَغلِب الكفار تارةً وتُغلَب أخرى ؛ بما رأى من الحكمة وسَبَقَ من الكلمة.
ثم قال :﴿ وَلَن يَجْعَلَ الله لِلْكَافِرِينَ عَلَى المؤمنين سَبِيلاً ﴾ فتوهّم من توهّم أن آخر الكلام يرجع إلى أوّله، وذلك يسقط فائدته، إذ يكون تكراراً.
الثاني : إن الله لا يجعل لهم سبيلاً يمحو به دولة المؤمنين، ويُذهب آثارهم ويستبيح بَيْضَتهم ؛ كما جاء في صحيح مسلم من حديث ثَوْبَان عن النبيّ ﷺ قال :" وإني سألت ربي ألاّ يهلكها بسَنَة عامة وألاّ يُسلِّط عليهم عدوّاً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم وإن ربي قال يا محمد إني إذ قضيت قضاء فإنه لا يُرَدّ وإني قد أعطيتك لأُمتك ألاّ أهلكهم بسَنَة عامة وألاّ أُسلط عليهم عدوّاً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويَسْبِي بعضهم بعضاً ".
الثالث : إن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً منه إلاَّ أن يتواصوا بالباطل ولا يتناهوا عن المنكر ويتقاعدوا عن التوبة فيكون تسليط العدوّ من قبلهم ؛ كما قال تعالى :﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [ الشورى : ٣٠ ].
قال ابن العربيّ : وهذا نفيس جداً.


الصفحة التالية
Icon