قلت : ويدل عليه قوله عليه السَّلام في حديث ثَوْبَان " حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبى بعضهم بعضاً " وذلك أن "حتى" غاية ؛ فيقتضي ظاهر الكلام أنه لا يسلط عليهم عدوّهم فيستبيحهم إلاَّ إذا كان منهم إهلاك بعضهم لبعض، وسبي بعضهم لبعض، وقد وجد ذلك في هذه الأزمان بالفتن الواقعة بين المسلمين ؛ فغلظت شوكة الكافرين واستولوا على بلاد المسلمين حتى لم يبق من الإسلام إلاَّ أقله ؛ فنسأل الله أن يتداركنا بعفوه ونصره ولطفه.
الرابع : إن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً شرعاً ؛ فإن وجد فبخلاف الشرع.
الخامس :﴿ وَلَن يَجْعَلَ الله لِلْكَافِرِينَ عَلَى المؤمنين سَبِيلاً ﴾ أي حجة عقلية ولا شرعية يستظهرون بها إلاَّ أبطلها ودحضت.
الثانية : ابن العربي : ونزع علماؤنا بهذه الآية في الاحتجاج على أن الكافر لا يملك العبد المسلم.
وبه قال أشهب والشافعي : لأن الله سبحانه نفى السبيل للكافر عليه، والمِلك بالشراء سبيل، فلا يشرع له ولا ينعقد العقد بذلك.
وقال ابن القاسم عن مالك، وهو قول أبي حنيفة : إن معنى ﴿ وَلَن يَجْعَلَ الله لِلْكَافِرِينَ عَلَى المؤمنين سَبِيلاً ﴾ في دوام المِلك ؛ لأنا نجد الابتداء يكون له عليه وذلك بالإرث.
وصورته أن يسلم عبد كافر في يد كافر فيلزم القضاء عليه ببيعه، فقبل الحكم عليه ببيعه مات، فيرث العبد المسلم وارث الكافر.
فهذه سبيل قد ثبت قهرا لا قصد فيه، وأن ملك الشراء ثبت بقصد النية، فقد أراد الكافر تملكه باختياره، فإن حكم بعقد بيعه وثبوت ملكه فقد حقق فيه قصده، وجعل له سبيل عليه.
قال أبو عمر : وقد أجمع المسلمون على أن عتق النصراني أو اليهودي لعبده المسلم صحيح نافذ عليه.
وأجمعوا أنه إذا أسلم عبد الكافر فبيع عليه أن ثمنه يدفع إليه.