قال بعض الزيدية : في الآية دلالة على وجوب محبة نصرة المؤمنين وكراهة أن تكون اليد عليهم، وتحريم خذلانهم، وإن المنافق لا سهم له، لأن في الآية إشارة إلى أنهم طلبوا لما منعوا، فقالوا : ألم نكن معكم ؟ ثم قال، يجوز التأليف من الغنيمة للمنافقين، كما فعل الرسول صَلّى اللهُ عليّه وسلّم يوم حنين، حتى أعطى الواحد منهم مائة ناقة، والواحد من المسلمين الشاة أو البعير.
﴿ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ أي : حكماً يليق بشأن كل منكم من الثواب والعقاب، أي : فلا يغتر المنافقون بحقن دمائهم في الدنيا لتلفظهم بالشهادة، لما له تعالى في ذلك من الحكمة، فيوم القيامة لا ينفعهم ظواهرهم.
وقوله تعالى :﴿ وَلَن يجعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المؤْمِنِينَ سَبِيلاً ﴾ ردٌّ على المنافقين فيما أمَّلُوُه ورجوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين خوفاً على أنفسهم منهم، إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم، كما قال تعالى :﴿ فَتَرَى الّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ ﴾ إلى قوله :﴿ نَادِمينَ ﴾ [ المائدة : ٥٢ ]، أي : لن يسلط الله الكافرين على المؤمنين فيستأصلوهم بالكية، وإن حصل لهم ظفر حيناً ما، أفاده ابن كثير.
وهذا التأويل روعي فيه سابق الآية ولاحقها، وأن السياق في ( المنافقين ) وهو جيد، ويقرب منه ما في تفسير ابن عباس من حمل ( الكافرين ) على يهود المدينة، ومن وقف مع عمومها، قال : المراد بالسبيل الحجة، وتسميتها ( سَبيلاً ) لكونها موصلاً للغلبة، أو المراد : ما دام المؤمنون عاملين بالحق غير راضين بالباطل ولا تاركين للنهي عن المنكر، كما قال تعالى :﴿ وَمَا أَصَابَكُم مّن مّصِيبَةٍٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [ الشورى : ٣٠ ] قال : فلا يراد أنه قد يُدال للكافرين.
تنبيه :


الصفحة التالية
Icon