ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً ﴾ لمّا أمر بالأشياء التي تقدم ذكرها، وذكر أنّ من كفر بها أو بشيء منها فهو ضال، أعقب ذلك بفساد، وطريقة من كفر بعد الإيمان، وأنه لا يغفر له على ما بين.
والظاهر أنها في المنافقين إذ هم المتلاعبون بالدين، فحيث لقوا المؤمنين "قالوا آمنا" وإذا لقوا أصحابهم ﴿ قالوا إنا مستهزئون ﴾ ولذلك جاء بعده بشر المنافقين، فهم مترددون بين إظهار الإيمان والكفر باعتبار من يلقونه.
ومعنى ازداد كفراً بأن تم على نفاقه حتى مات.
وقيل : ازدياد كفرهم هو اجتماعهم في استخراج أنواع المكر والكيد في حرب المسلمين، وإلى هذا ذهب : مجاهد وابن زيد.
وقال الحسن : هي في الطائفة من أهل الكتاب التي قالت :﴿ آمنوا وجه النهار واكفروا آخره ﴾ قصدوا تشكيك المسلمين وازدياد كفرهم هو أنهم بلغوا في ذلك إلى حدّ الاستهزاء والسخرية بالإسلام.
قال قتادة وأبو العالية وطائفة، ورجحه الطبري : هي في اليهود والنصارى، آمنت اليهود بموسى والتوراة ثم كفروا، وآمنت النصارى بعيسى والإنجيل ثم كفروا، ثم ازدادوا كفراً بمحمد ﷺ، وضعف هذا القول ابن عطية قال : يدفعه ألفاظ الآية، لأنها في طائفة يتصف كل واحد منها بهذه الصفة من المترددين بين الكفر والإيمان ثم يزداد.
وقال بعضهم : هي في اليهود آمنوا بالتوراة وموسى ثم كفرا بعزير، ثم آمنوا بداود، ثم كفروا بعيسى، ثم ازدادوا كفراً عند مقدم محمد صلى الله عليه وسلم.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية في المترددين، فإن المؤمن إذا ارتد ثم آمن قبلت توبته إلى الثلاث، ثم لا تقبل ويحكم عليه بالنار.
وقال القفال : ليس المراد بيان هذا العدد، بل المراد ترددهم كما قال :﴿ مذبذبين بين ذلك ﴾ ويدل عليه قوله :﴿ بشر المنافقين ﴾.


الصفحة التالية
Icon