وفي صحيح الحديث :" إن أثقل صلاة على المنافقين العتمة والصبح " فإن العتمة تأتي وقد أتعبهم عمل النهار فيثقل عليهم القيام إليها، وصلاة الصبح تأتي والنوم أحب إليهم من مفروح به، ولولا السيف ما قاموا.
والرياء : إظهار الجميل ليراه الناس، لا لاتباع أمر الله ؛ وقد تقدّم بيانه.
ثم وصفهم بقلة الذكر عند المراءاة وعند الخوف.
" وقال ﷺ ذامّا لمن أخّر الصلاة :"تلك صلاة المنافقين ثلاثا يجلس أحدهم يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلاً" " رواه مالك وغيره.
فقيل : ووصفهم بقلة الذكر لأنهم كانوا لا يذكرون الله بقراءة ولا تسبيح، وإنما كانوا يذكرونه بالتكبير.
وقيل : وصفه بالقلة لأن الله تعالى لا يقبله.
وقيل : لعدم الإخلاص فيه.
وهنا مسألتان :
الأولى : بيّن الله تعالى في هذه الآية صلاة المنافقين، وبينها رسوله محمد ﷺ ؛ فمن صلى كصلاتهم وذكر كذكرهم لحق بهم في عدم القبول، وخرج من مقتضى قوله تعالى :﴿ قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [ المؤمنون : ١-٢ ].
وسيأتي.
اللّهُم إلا أن يكون له عذر فيقتصر على الفرض حسب ما علمه النبي ﷺ للأعرابي حين رآه أخَلَ بالصلاة فقال له :" إذا أقمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثمّ استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالساً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ".
رواه الأئمة.


الصفحة التالية
Icon