وَقِيلَ إنَّ أَصْلَ الْعِزَّةِ هُوَ الشِّدَّةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الشَّدِيدَةِ " عَزَازُ " وَقِيلَ : قَدْ اسْتَعَزَّ الْمَرَضُ عَلَى الْمَرِيضِ إذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِلِ " عَزَّ عَلَيَّ كَذَا " إذَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَعَزَّ الشَّيْءُ إذَا قَلَّ ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَدُّ مَطْلَبُهُ ؛ وَعَازَّهُ فِي الْأَمْرِ إذَا شَادَّهُ فِيهِ، وَشَاةٌ عَزُوزٌ إذَا كَانَتْ تَحْلِبُ بِشِدَّةٍ لِضِيقِ أَحَالِيلِهَا، وَالْعِزَّةُ الْقُوَّةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ الشِّدَّةِ، وَالْعَزِيزُ الْقَوِيُّ الْمَنِيعُ ؛ فَتَضَمَّنَتْ
الْآيَةُ النَّهْيَ عَنْ اتِّخَاذِ الْكُفَّارِ أَوْلِيَاءَ وَأَنْصَارًا وَالِاعْتِزَازِ بِهِمْ وَالِالْتِجَاءِ إلَيْهِمْ لِلتَّعَزُّزِ بِهِمْ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا مَنْ لَا أَتَّهِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُمَوِيُّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ مَنْ اعْتَزَّ بِالْعَبِيدِ أَذَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى ﴾ ؛ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى الْآيَةِ فِيمَنْ اعْتَزَّ بِالْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ وَنَحْوِهِمْ، فَأَمَّا أَنْ يَعْتَزَّ بِالْمُؤْمِنِينَ فَذَلِكَ غَيْرُ مَذْمُومٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.