فالمذكور في الآية هو الشكر المبهم وهو مقدم على الإيمان، فلا حاجة إلى ما زعمه الإمام من أن الكلام على التقديم والتأخير أي آمنتم وشكرتم، وأما القول : بأن هذا السؤال إنما هو على تقدير أن تكون الواو للترتيب، وأما إذا لم تكن للترتيب فلا سؤال فمما لا ينبغي أن يتفوه به من له أدنى ذوق في علم الفصاحة والبلاغة لأن الواو وإن لم تفد الترتيب لكن تقديم ما ليس مقدماً لا يليق بالكلام الفصيح فضلاً عن المعجز، ولذا تراهم يذكرون لما يخالفه وجهاً ونكتة، وذكر النيسابوري وجهاً آخر في التقديم لكنه بناه على إفادة الواو للترتيب فقال : لعل الوجه في ذلك أن الآي مسوقة في شأن المنافقين ولا نزاع في إيمانهم ظاهراً وإنما النزاع في بواطنهم وأفعالهم التي تصدر عنهم غير مطابقة للقول اللساني، فكان تقديم الشكر ههنا أهم لأنه عبارة عن صرف جميع ما أعطاه الله تعالى فيما خلف لأجله حتى تكون أفعاله وأقواله على نهج السداد وسنن الاستقامة انتهى، ولايخفى أنه لم يحمل الشكر في الآية على الشكر المبهم، ولا يخلو عن حسن.