ثم قال :﴿فَعَفَوْنَا عَن ذلك﴾ يعني لم نستأصل عبدة العجل ﴿وآتينا موسى سلطاناً مبيناً﴾ يعني أن قوم موسى وإن كانوا قد بالغوا في إظهار اللجاج والعناد معه لكنا نصرناه وقويناه فعظم أمره وضعف خصمه، وفيه بشارة للرسول ﷺ على سبيل التنبيه، والرمز بأن هؤلاء الكفار وإن كانوا يعاندونه فإنه بالآخرة يستولي عليهم ويقهرهم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٧٦ ـ ٧٧﴾
فائدة
قال ابن عطية :
وجمهور المتأولين على أن ﴿ جهرة ﴾ معمول ل ﴿ أرنا ﴾، أي : حتى نراه جهاراً أي عياناً رؤية منكشفة بينة، وروي عن ابن عباس أنه كان يرى أن ﴿ جهرة ﴾ معمول ل ﴿ قالوا ﴾، أي قالوا جهرة منهم وتصريحاً ﴿ أرنا الله ﴾.
قال القاضي أبو محمد : وأهل السنة معتقدون أن هؤلاء لم يسألوا محالاً عقلاً، لكنه محال من جهة الشرع، إذ قد أخبر تعالى على ألسنة أنبيائه أنه لا يرى في هذه الحياة الدنيا، والرؤية في الآخرة ثابتة عن النبي ﷺ بالخبر المتواتر، وهي جائزة عقلاً دون تحديد ولا تكييف ولا تحيز، كما هو تعالى معلوم لا كالمعلومات كذاك هو مرئي لا كالمرئيات، هذه حجة أهل السنة وقولهم، ولقد حدثني أبي رضي الله عنه عن أبي عبد الله النحوي أنه كان يقول عند تدريس هذه المسألة : مثال العلم بالله حلق لحا المعتزلة في إنكارهم الرؤية. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
" فصل "
قال الماوردى :
قوله تعالى :﴿ يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنْ السَّمَاءِ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن اليهود سألوا محمداً ﷺ، أن ينزل عليهم كتاباً من السماء مكتوباً، كما نزل على موسى الألواح، والتوراة مكتوبة من السماء، وهذا قول السدي، ومحمد بن كعب.
والثاني : أنهم سألوه نزول ذلك عليهم خاصة، تحكماً في طلب الآيات، وهذا قول الحسن، وقتادة.


الصفحة التالية
Icon