﴿ وجَهْرَة ﴾ ضدّ خُفية، أي عَلَناً، فيجوز أن يكون صفة للرؤية المستفادة من ( أرنا )، ويجوز أن يكون حالاً من المرفوع في ( أرنا ) : أي حال كونك مجاهراً لنا في رؤيته غير مخف رؤيته.
واستطرد هنا ما لحقهم من جرّاء سؤالهم هذه الرؤية وما ترتّب عليه فقال :﴿ فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ﴾، وهو ما حكاه تعالى في سورة البقرة ( ٥٥ ) بقوله :﴿ فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون.
وكان ذلك إرهاباً لهم وزجراً، ولذلك قال : بظلمهم ﴾ والظلم هو المحكي في سورة البقرة من امتناعهم من تصديق موسى إلى أن يروا الله جهرة، وليس الظلم لمجرّد طلب الرؤية ؛ لأنّ موسى قد سأل مثل سؤالهم مرّة أخرى : حكاه الله عنه بقوله :﴿ ولمّا جاء موسى لميقاتنا وكلّمه ربّه قال ربّ أرني أنظر إليك ﴾ الآية في سورة الأعراف ( ١٤٣ ).
وبيّن أنّهم لم يردعهم ذلك فاتَّخذوا العجل إلهاً من بعد ما جاءتهم البيّنات الدالّة على وحْدانية الله ونفي الشريك وعطفت جملة اتّخاذهم العجل بحرف ( ثمّ ) المفيد في عطفه الجمل معنى التراخي الرتبى.
فإنّ اتّخاذهم العجل إلهاً أعظم جرماً ممّا حكي قبله، ومع ذلك عفا الله عنهم وآتى موسى سلطاناً مبيناً، أي حجّة واضحة عليهم في تمرّدهم، فصار يزجرهم ويؤنّبهم.
ومن سلطانه المبين أن أحرق لهم العجل الذي اتّخذوه إلهاً. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ﴾