لقد لجأ موسى إلى القانون الأعلى، قانون الله، فأمره الله أن يضرب بعصاه البحر، ويتفرق البحر وتصير كل فرقة كالطود والجبل العظيم، وبعد أن ساروا في البحر، وأغرق فرعون أمامهم، وأنجاهم سبحانه، لكنهم من بعد ذلك كله يتخذون العجل إلهاً!!
هكذا قابلوا جميل الله بالنكران والكفران. ﴿ ثُمَّ اتخذوا العجل مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينات فَعَفَوْنَا عَن ذلك وَآتَيْنَا موسى سُلْطَاناً مُّبِيناً ﴾ والسلطان المبين الذي آتاه الله لموسى عليه السلام هو التسلط والاستيلاء الظاهر عليهم حين أمرهم بأن يقتلوا أنفسهم، وجاءوا بالسيوف لأن الله قد أعطى سيدنا موسى قوة فلا يخرج أحد عن أمره، والقوة سلطان قاهر. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :" فَقَدْ سَأَلُوا " : في هذه الفاءِ قولان : أحدهما : أنها عاطفةٌ على جملة محذوفة، قال ابن عطيَّة :" تقديره : فلا تبال، يا محمَّد، بسؤالِهِم، وتشطيطهم، فإنها عادُتُهمْ، فقد سألوا موسى أكبر من ذلك.
والثاني : أنها جوابُ شرطٍ مقدَّر، قاله الزمخشريُّ أي : إن استكْبَرْتَ ما سألوه منْكَ، فقد سَألُوا "، و" أكْبَرَ " صفةٌ لمحذوف، أي : سؤالاً أكْبَرَ من ذَلِكَ، والجمهور :" أكبرَ " بالباء الموحدة، والحسن " أكْثَرَ " بالثاء المثلثة.
ومعنى " أكْبَر " أي : أعْظَم من ذَلِك، يعني : السَّبْعِين الَّذِين خَرَجَ بِهِمْ [ مُوسَى ] إلى الجَبَلِ، ﴿ فقالوا : أَرِنَا الله جَهْرَةً ﴾ أي : عِياناً، فقولهم :" أرِنَا " جُمْلَة مفَسِّرة لِكبَرِ السُّؤال، وعِظَمِه.
[ و" جَهْرَةَ " تقدَّم الكلام عليها، إلا أنه هنا يجوز أن تكون " جَهْرَةً " من صفةِ القوْلِ، أو السؤالِ، أو مِنْ صفةِ السائلين، أي : فقالوا مجاهِرِين، أو : سألوا مجاهرينَ، فيكونُ في محلِّ نَصْبٍ على الحال، أو على المَصْدر، وقرأ الجمهور " الصَّاعِقَةُ ".