أي جعل النوم سكنا لكم وقطعا لأعمالكم وراحة لأبدانكم. ﴿ وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السبت ﴾ أي نهاهم الله أن يصطادوا في يوم السبت. ويأتي يوم السبت فتأتيهم الحيتان مغرية تخرج أشرعتها من زعانفها وهي تعوم فوق الماء، أو تظهر على وجه الماء من كل ناحية، وهذا من الابتلاءات. ﴿ وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ ﴾ أي أن الأيام التي يكون مسموحاً لهم فيها بالصيد لا تأتي لهم الأسماك، ولذلك يحتالون ويصنعون الحظائر الثابتة من السلك ليدخلها السمك يوم السبت ولا يستطيع الخروج منها.
لقد احتالوا على أمر الله. هكذا يبين الحق سبحانه وتعالى مراوغة بني إسرائيل. وفعل الله بهم كل ذلك ولكنهم احتالوا وتمردوا ورّدوه، وحين يهادن الحق القوم الذين يدعوهم إلى الإيمان فسبحانه يُقَدر أنه خلقهم ويُقدر الغريزة البشرية التي قد يكون من الصعب أن تلين لأول داع، فهو يدعوها مرة فلا تستقبل، فيعفو. ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو، ثم يدعوها مرة فلا تستقبل فيعفو. وأخذ الله عليهم العهد الوثيق المؤكد بأن يطيعوه ولكنهم عصوا ونقضوا العهد، وبعد ذلك يقول لنا الخبر لنتعلم أن الله لا يمل حتى تملوا أيها البشر. أ هـ ﴿تفسير الشعراوى صـ ﴾
" فوائد لغوية وإعرابية "
قال ابن عادل :
قوله :﴿ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطور بِمِيثَاقِهِمْ ﴾ [ في " فوقهم " : وجهان : أظهرهما أنه متعلق بـ " رَفَعْنا "، وأجاز أبو البقاء وجهاً ثانياً وهو أن يكونَ متعلقاً بمحذوفٍ لأنه حالٌ من الطور.
و" بميثاقهم " متعلقٌ أيضاً بالرفع، والباءُ للسببية، قالوا : وفي الكلامِ حذفُ مضافٍ تقديرُه : بنقض ميثاقهم ].
[ و] قال بَعْضُ المفَسِّرين : إنهم امْتَنَعُوا من قُبُول شَرِيعَة التَّوْرَاةِ، ورفع الله الجَبَل فَوْقَهُم حَتَّى قَبِلُوا، والمعنَى : ورفَعْنَا فَوْقَهُم الطُّورَ ؛ لأجْلِ أن يُعْطُوا المِيثَاقَ بقُبُول الدِّين.


الصفحة التالية
Icon