وقال الزمخشريُّ :" بِمِيثَاقِهِمْ : بسبب ميثاقهم ؛ ليخافوا فلا ينقضُوه " وظاهر هذه العبارة : أنه لا يُحْتَاجُ إلى حذْفِ مضاف، بَلْ أقول : لا يجُوزُ تقدير هذا المضافِ ؛ لأنه يقتضي أنهم نقضوا الميثاق، فرَفَعَ اللَّهُ الطُّورَ عليهم ؛ عقوبةً على فعلِهِمُ النقضَ، والقصةُ تقتضي أنَّهم هَمُّوا بنقضِ الميثاق، فرفعَ اللَّهُ عليهم الطُور، فخافُوا فلم يَنْقُضُوهُ، [ وإن كانوا قد نَقَضُوه ] بعد ذلك، وقد صَرَّحَ أبو البقاء بأنهم نقضوا الميثاقَ، وأنه تعالى رفع الطُّور عقوبةً لهم فقال :" تقديرُه : بنَقْضِ ميثاقِهِمْ، والمعنى : ورَفَعْنَا فوقَهُمُ الطُّور ؛ تخْويفاً لَهُمْ بسبب نقْضِهِم الميثاق "، وفيه ذلك النظرُ المتقدِّم، ولقائلٍ أن يقول : لمَّا هَمُّوا بنقْضه وقاربوه، صحَّ أن يقال : رَفَعْنَا الطُّورَ فوقهم ؛ لنقضهم الميثاق، أي : لمقاربتهم نقضَهُ، لأنَّ ما قارب الشيء أعْطِيَ حكمَه ؛ فتصِحُّ عبارةُ مَنْ قدَّر مضافاً ؛ كأبي البقاء وغيره.
وقال بَعْضُ المُفَسِّرين : إنَّهُم أعْطوا المِيثَاقَ على أنهم إن هَمُّوا بالرُّجُوع عن الدِّينِ، فاللَّهُ - تعالى - يُعَذِّبهم بأيِّ أنْواعِ العذابِ، أراد : فَلَمَّا هَمُّوا بَتَرْكِ الدِّينِ، أظَلَّ اللَّهُ الطُّورَ عَلَيْهِم.
والميثاق مصدر مضاف لمفعوله، وقد تقدَّم في البقرة الكلام على قوله ﴿ ادخلوا الباب سُجَّداً ﴾، و" سُجَّداً " حالٌ من فاعل " ادْخُلُوا ".


الصفحة التالية
Icon