﴿ بَلْ طَبَعَ الله عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ﴾ كلام معترض بين المعطوفين جىء به على وجه الاستطراد مسارعة إلى ردّ زعمهم الفاسد، أي ليس الأمر كما زعمتم من أنها أوعية العلم فإنها مطبوع عليها محجوبة من العلم لم يصل إليها شيء منه كالبيت المقفل المختوم عليه، والباء للسببية، وجوز أن تكون للآلة، ويجوز أن يكون المعنى ليس عدم وصول الحق إلى قلوبكم لكونها في أكنة وحجب خلقية كما زعمتم بل لأن الله تعالى ختم عليها بسبب كفركم الكسبي، وهذا الطبع بمعنى الخذلان والمنع من التوفيق للتدبر في الآيات والتذكر بالمواعظ عند الكثير وطبع حقيقي عند البعض، وأيد بما أخرجه البزار عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي ﷺ قال :" الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتهكت الحرمة وعمل بالمعاصي واجترىء على الله تعالى بعث الله تعالى الطابع فطبع على قلبه فلا يعقل بعد ذلك شيئاً " وأخرجه البيهقي أيضاً في "الشعب" إلا أنه ضعفه.
﴿ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ نصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي إلا إيماناً قليلاً فهو كالتصديق بنبوّة موسى عليه السلام وهو غير مفيد لأن الكفر بالبعض كفر بالكل كما مر، أو صفة لزمان محذوف أي زماناً قليلاً، أو نصب على الاستثناء من ضمير ( لا يؤمنون ) أي إلا قليلاً منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه، ورده السمين بأن الضمير عائد على المطبوع على قلوبهم، ومن طبع على قلبه بالكفر لا يقع منه إيمان، وأجيب بأن المراد بما مر الإسناد إلى الكل ما هو للبعض باعتبار الأكثر.
وقال عصام الملة : كما يجب استثناء القليل من عدم الإيمان المتفرع على الطبع على قلوبهم يجب استثناء قليل من القلوب من قلوبهم، فكأن المراد بل طبع الله تعالى على أكثرها فليفهم. أ هـ ﴿ روح المعانى حـ ٦ صـ ﴾
ومن فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :


الصفحة التالية
Icon