﴿ إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ﴾ [ الأنفال : ٧٢ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون حَقّاً﴾
فائدة
قال الفخر :
في خبر ﴿إن﴾ قولان : أحدهما : أنه محذوف، كأنه قيل جمعوا المخازي.
والثاني : هو قوله ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الكافرون﴾ والأول أحسن لوجهين : أحدهما : أنه أبلغ لأنه إذا حذف الجواب ذهب الوهم كل مذهب من العيب، وإذا ذكر بقي مقتصراً على المذكور، والثاني : أنه رأس الآية، والأحسن أن لا يكون الخبر منفصلاً عن المبتدأ. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٧٥﴾
فصل
قال الفخر :
إنهم إنما كانوا كافرين حقاً لوجهين : الأول : أن الدليل الذي يدل على نبوّة البعض ليس إلاّ المعجز، وإذا كان دليلاً على النبوّة لزم القطع بأنه حيث حصل حصلت النبوّة فإن جوزنا في بعض المواضع حصول المعجز بدون الصدق تعذر الاستدلال به على الصدق، وحينئذ يلزم الكفر بجميع الأنبياء فثبت أن من لم يقبل نبوّة أحد منهم لزمه الكفر بجميعهم.
فإن قيل : هب أنه يلزمهم الكفر بكل الأنبياء، ولكن ليس إذا توجه بعض الالزامات على الإنسان لزم أن يكون ذلك الإنسان قائلاً به، فإلزام الكفر غير، والتزام الكفر غير، والقوم لما لم يلتزموا ذلك فيكف يقضى عليهم بالكفر.
قلنا : الإلزام إذا كان خفياً بحيث يحتاج فيه إلى فكر وتأمل كان الأمر فيه كما ذكرتم، أما إذا كان جلياً واضحاً لم يبقَ بين الإلزام والالتزام فرق، والثاني : وهو أن قبول بعض الأنبياء إن كان لأجل الانقياد لطاعة الله تعالى وحكمه وجب قبول الكل، وإن كان لطلب الرياسة كان ذلك في الحقيقة كفراً بكل الأنبياء. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١١ صـ ٧٥﴾
قال القرطبى :