ومنهم من يقول: ربنا هو المسيح. وهي مقالة "ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً".
قال ابن البطريق: ولما سمع قسطنطين الملك مقالتهم عجب من ذلك، وأخلى لهم داراً، وتقدم لهم بالإكرام والضيافة، وأمرهم أن يتناظروا فيما بيهم لينظر من معه الحق فيتبعه، فاتفق منهم ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفاً على دين واحد ورأى واحد، وناظروا بقية الأساقفة المختلفين ففلجوا عليهم في المناظرة، وكان باقي الأساقفة مختلفي الآراء والأديان، فصنع الملك للثلاثمائة والثمانية عشر أسقفاً مجلساً عظيماً، وجلس في وسطه وأخذ خاتمه وسيفه وقضيبه فدفع ذلك إليهم، وقال لهم: قد سلطتكم اليوم على المملكة فاصنعوا ما بدا لكم، وما ينبغي لكم أن تضيعوا ما فيه قوام الدين وصلاح الأمة. فباركوا على الملك وقلدوه سيفه، وقالوا له: أظهر دين النصرانية وذب عنه. ووضعوا له أربعين كتاباً فيها السنين والشرائع، وفيها ما يصلح أن يعمل به الأساقفة، وما يصلح للملك أن يعمل بما فيها، وكان رئيس القوم والمجمع والمقدم فيه بترك الإسكندرية وبترك أنطاكية وأسقف بيت المقدس، ووجه بترك رومية من عنده رجلين، فاتفق الكل على لعن أريوس وأصحابه، ولعنوه وكل من قال بمقالته، ووضعوا "الأمانة"، وقالوا: ن الابن مولود من الأب قبل كون الخلائق، وأن الابن من طبيعة الأب غير مخلوق، واتفقوا على أن يكون فصح النصارى يوم الأحد ليكون بعد فصح اليهود، وأن لا يكون فصح اليهود مع فصحهم في يوم واحد، ومنعوا أن يكون للأسقف زوجة، وذلك أن الأساقفة منذ وقت الحواريين إلى مجمع الثلاثمائة وثمانية عشر كان لهم نساء، لأنهم كانوا إذا صيروا واحداً أسقفاً وكانت له زوجة ثبتت معه ولم تتنح عنه، ما خلا البتاركة فإنهم لم يكن لهم
نساء، ولا كانوا أيضاً يصيرون أحداً له زوجة بتركها، قال: وانصرفوا مكرمين محظوظين، وذلك في سبعة عشر سنة من ملك قسطنطين الملك، ومكث بعد ذلك ثلاث سنين.


الصفحة التالية
Icon