ولما أفهم التشبيه الاختلاف، فكان التقدير : فاختلفوا بسبب التشبيه في قتله، فمنهم من قال : قتلناه جازماً، ومنهم من قال : ليس هو المقتول، ومنهم من قال : الظاهر أنه هو، عطف عليه قوله دالاً على شكهم باختلافهم :﴿وإن الذين اختلفوا فيه﴾ أي في قتله ﴿لفي شك منه﴾ أي تردد مستوى الطرفين، كلهم وإن جزم بعضهم، ثم أكد هذا المعنى بقوله :﴿ما لهم به﴾ وأغرق في النفي بقوله :﴿من علم ﴾.
ولما كانوا يكلفون أنفسهم اعتقاد ذلك بالنظر في شهادته، فربما قويت عندهم شبهة فصارة أمارة أوجبت لهم - لشغفهم بآمالها - ظناً ثم اضمحلت في الحال لكونها لا حقيقة لها، فعاد الشك وكان أبلغ في التحير ؛ قال :﴿إلا﴾ أي لكن ﴿اتباع الظن﴾ أي يكلفون أنفسهم الارتقاء من درك الشك إلى رتبة الظن، وعبر بأداة الاستثناء دون " لكن " الموضوعة للانقطاع إشارة إلى أن إدراكهم لما زعموه من قتله مع كونه في الحقيقة شكاً يكلفون أنفسهم جعله ظناً، ثم يجزمون به، ثم صار عندهم متواتراً قطعياً، فلا أجهل منهم.