ولما أخبر بشكهم فيه بعد الإخبار بنفيه أعاد ذلك على وجه أبلغ فقال :﴿وما قتلوه﴾ أي انتفى قتلهم له انتفاء ﴿يقيناً﴾ أي انتفاؤه على سبيل القطع، ويجوز أن يكون حالاً من " قتلوه " أي ما فعلوا القتل متيقنين أنه عيسى عليه الصلاة والسلام، بل فعلوه شاكين فيه والحق أنهم لم يقتلوا إلا الرجل الذي ألقى شبهه عليه، والوجه الأول أولى لقوله :﴿بل رفعه الله﴾ بما له من العظمة البالغة والحكمة الباهرة، رفع عيسى عليه الصلاة والسلام ﴿إليه﴾ أي إلى مكان لا يصل إليه حكم آدمي، وعن وهب أنه أوحى إليه ابن ثلاثين، ورفع ابن ثلاث وثلاثين فكانت رسالته ثلاثاً وثلاثين سنة ﴿وكان الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال في كل حال عند قصدهم له وقبله وبعده ﴿عزيزاً﴾ أي يغلب ولا يغلب ﴿حكيماً﴾ أي إذا فعل شيئاً أتقنه بحيث لا يطمع أحد في نقض شيء منه، وختمُ الآية بما بين الصفتين يدل على أن المراد ما قررته من استهزائهم، وأنه قصد الرد عليهم، أي إنه قد فعل ما يمنع من استهزائكم، فرفعه إليه بعزته وحفظه بحكمته، وسوف ينزله ببالغ قدرته، فيردكم عن أهوائكم، ويسفك دماءكم، ويبيد خضراءكم، وله في رفعه وإدخاله الشهبة عليكم حكمة تدق عن أفكار أمثالكم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٣٥٠ ـ ٣٥١﴾
فصل
قال الفخر :