حدثني ابن المثنى، حدثنا الحجاج بن مِنْهال، حدثنا حماد، عن حميد قال : قال عكرمة : لا يموت النصراني ولا اليهودي حتى يؤمن بمحمد ﷺ في قوله :﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾
ثم قال ابن جرير : وأولى هذه الأقوال بالصحة القولُ الأولُ، وهو أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى، عليه السلام، إلا آمن به قبل موته، أي قبل موت عيسى، عليه السلام، ولا شك أن هذا الذي قاله ابن جرير، رحمه [الله] هو الصحيح ؛ لأنه المقصود من سياق الآي في تقرير بطلان ما ادعته اليهود من قتل عيسى وصلبه، وتسليم من سلم لهم من النصارى الجهلة ذلك، فأخبر الله أنه لم يكن الأمر كذلك، وإنما شبه لهم فقتلوا الشبيه وهم لا يتبينون ذلك، ثم إنه رفعه إليه، وإنه باق حي، وإنه سينزل قبل يوم القيامة، كما دلت عليه الأحاديث المتواترة - التي سنوردها إن شاء الله قريبا - فيقتل مسيح الضلالة، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية - يعني : لا يقبلها من أحد من أهل الأديان، بل لا يقبل إلا الإسلام أو السيف - فأخبرت هذه الآية الكريمة أن يؤمن به جميع أهل الكتاب حينئذ، ولا يتخلف عن التصديق به واحد منهم ؛ ولهذا قال :﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ﴾ أي : قبل موت عيسى، الذي زعم اليهود ومن وافقهم من النصارى أنه قتل وصلب.
﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ أي : بأعمالهم التي شاهدها منهم قبل رفعه إلى السماء وبعد نزوله إلى الأرض. فأما من فسر هذه الآية بأن المعنى : أن كل كتابي لا يموت حتى يؤمن بعيسى أو بمحمد، عليهما [الصلاة و] والسلام فهذا هو الواقع، وذلك أن كل أحد عند احتضاره يَتَجَلي له