ما كان جاهلا به، فيؤمن به، ولكن لا يكون ذلك إيمانا نافعا له، إذا كان قد شاهد الملك، كما قال تعالى في [أول] هذه السورة :﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ] ﴾ الآية [النساء : ١٨] وقال تعالى :﴿ فَلَمَّا رَأَوْا بَأَْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بَاللهِ وَحْدَهُ[وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا] ﴾ الآيتين [غافر : ٨٤، ٨٥] وهذا يدل على ضعف ما احتج به ابن جرير في رد هذا القول، حيث قال : ولو كان المراد بهذه الآية هذا، لكان كل من آمن بمحمد أو بالمسيح، ممن كفر بهما - يكون على دينهما، وحينئذ لا يرثه أقرباؤه من أهل دينه ؛ لأنه قد أخبر الصادق أنه يؤمن به قبل موته. فهذا ليس بجيد ؛ إذ لا يلزم من إيمانه في حالة لا ينفعه إيمانه أنه يصير بذلك مسلمًا، ألا ترى إلى قول ابن عباس : ولو تردى من شاهق أو ضُرب بسيف أو افترسه سَبُع، فإنه لا بد أن يؤمن بعيسى" فالإيمان في مثل هذه الحالات ليس بنافع، ولا ينقل صاحبه عن كفره لما قدمناه، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon